بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم إخوتي
إن من البلايا التي ابتليت بها أمة الإسلام تقليد الغرب في كل شيئ حتى في أنظمتهم و قوانينهم فهجر أكثرنا الحكم بكتاب الله و سنة رسوله
صلى الله عليه و سلم حكاما و محكومين و ذلك بسبب الإعجاب بالغرب و الزهد في الإسلام و منهجه.
وعليه صار دستورنا و قوانينا منبثقة من قيم تسمى المبادئ الدستورية أو القوانين الجمهورية أو قواعد الديمقراطية و المقصود بها مجموعة
من المبادئ و الأصول اتي وضعها فلاسفة الغرب على مدار عدة قرون و شهدت تعديلات عديدة حتى وصلت لشكلها الحالي و من أبرز هذه
المبادئ:
*الشعب مصدر السلطات أي الحكم للشعب
*حرية الرأي و التعبير للمواطن
*الحقوق و الحريات العامة
*المساواة بين جميع المواطنين دون تفرقة على اساس الرأي او العرق أو الجنس أو الجهة...
*حرية العقيدة و حرية الفكر
*تحكيم الأغلبية.
*الحق في التعددية.
إن المتأمل لهذه القيم يجد أن بعضها موافق للإسلام و لكن كثيرا منها مضاد له بل هو مضاد لشهادة ألا إله إلا الله
مثلا الحق في التعليم أو الصحة موافق للإسلام عموما
أما حرية التعبير فإن مجالها في الديمقراطية يكاد يكون بلا حدود فيمكن للمواطن مثلا أن ينكر صحيح البخاري أو ان يعتبر أن الصحابة
كانوا فساق أو ان يستحل ماهو معلوم تحريمه بالضرورة مثل الخمر أو الربا او القمار. أو يتاول صفات الله تعالى او ينفيها.
وهذه قصة صبيغ مع عمر بن الخطاب تبين كيف تعامل أمير المؤمنين مع من تجاوز حدود الإسلام في مجال الراي
هي ما رواه يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن صبيغًا التميمي أتى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن قوله: وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا قال: هي الرياح، ولولا أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول ما قلته، قال: فأخبرني عن فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا قال: هي السحاب، ولولا أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوله ما قلته، قال: فأخبرني عن فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا قال: الملائكة ولولا أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوله ما قلته، قال: فأخبرني عن فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا قال: هي السفن، ولولا أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوله ما قلته.
قال: ثم أَمَرَ به فضُرب مائة سوط، ثم جعله في بيت، حتى إذا برأ دعا به، ثم ضربه مائة سوط أخرى، ثم حمله على قتب، وكتب إلى أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-: أن حَرِّمْ عليه مجالسة الناس، فلم يزل كذلك حتى أتى أبا موسى الأشعري -رضي الله عنه- فحلف بالأيمان المغلظة ما يجد في نفسه مما كان يجده شيئا، فكتب إلى عمر يخبره، فكتب إليه ما إخاله إلا قد صدق، خَلِّ بينه وبين مجالسة الناس.
فالإمام عمر -رضي الله عنه- ضرب صبيغًا ؛ لأنه فهم من سؤالاته أنه يريد التعنت والعناد والاعتراض.
ومثل ذلك الحق في المظاهرات و الإضرابات لقوله صلى الله عليه و سلم ( اسمع وأطع ، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك) مسلم
و لما في ذلك من الفتن و الشر.
و كذلك نسبة الحكم للشعب و إعطائه ما لا يليق إلا لله
قال تعالى (والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب )( 41 ) الرعد
و قوله تعالى { إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله } 105 النساء
و قوله تعالى (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) 40 يوسف
و قوله تعالى ( قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون ) 59 يونس
و قوله تعالى (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)[المائدة: 44]
و قوله تعالى (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)[المائدة: 45]
و قوله تعالى (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)[المائدة: 47]
وقال الله تعالى: وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً {الكهف:26}
و عن عدي بن حاتم قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال يا عدي اطرح عنك هذا الوثن، وسمعته يقرأ في سورة براءة: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ. قال أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
وقال ابن القاسم في حاشيته على كتاب التوحيد: دلت على أن من أطاع غير الله في تحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحله فقد اتخذه ربا ومعبودا، وجعله لله شريكا، وذلك ينافي التوحيد، فكل معبود رب، وكل مطاع ومتبع على غير ما شرعه الله ورسوله فقد اتخذه المطيع ربا ومعبودا، والرب هو المعبود، ولا يطلق معرفا إلا على الله تعالى، قال تعالى: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} وهذا وجه مطابقة الآية للترجمة.
وحتى رسول الله صلى الله عليه و سلم ليس له تحليل شيئ او تحريمه بل هو مبلغ لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) التحريم 1
فمنح هذا الحق للشعب أو لنواب الشعب هو من باب إتخاذهم أربابا من دون الله
وهناك شبه كثيرة يأتي بها المنحرفون ليستجيزوا النظام الديمقراطي نناقشها إن شاء الله لاحقا.
و هذه خطبة ماتعة للشيخ عمرو عبد اللطيف حول هذا الموضوع
https://www.dztu.be/watch?v=6HJh20EjJcA
الشيخ يفصل في مسالة الديمقراطية من الدقبقة 33
يتبع إن شاء الله