
للروح منازل كالقمر ، اكملها حالا ...ابعدها عن ضجيج الحياة مكانا، و هذا ما لا يتأتى لي الا في اوقات محددة وافضلها على الاطلاق تلك التي تكون في ساعات الظهيرة حين ترخي الاشجار ظلها في الحدائق زمن الاعتدال ...ربيعا كان او خريفا ، فما ان تمضي ساعتان او ثلاث بعد الزوال حتى اجد نفسي قد تاقت بشدة الى تلك الاجواء فاسرع الخطى نحو المكان المعتاد حيث اتخذ مجلسا اسفل الاغصان المتشابكة لا نعم بالظل الوارف و الهواء النقي والاهم من ذلك الهدوء والسكينة، فلا شيء يسمع هناك سوى زقزقة العصافير وحفيف الاوراق حين تحركها النسمات و خشخشة خافتة تصدر من حين لاخر حين تمر بعض الحيوانات الاليفة على الاوراق الجافة
آه كم هو جميل هذا الاحساس ،ان تجلس وحيدا مستأنسا بوحدتك مستمتعا بالمنظر متأملا تفاصيله الرائعة ومصغيا بشغف الى تلك السمفونية الطبيعية التي تصدح في خلفية المشهد .
في هذا الهدوء يخيل اليك احيانا انك ستسمع النبات وهو ينمو...في هذا الهدوء الخالي من ضجيج البشر اشعر بانسجام عجيب مع الطبيعة حولي ، احس كان وجودي المادي يتلاشى وأني قد صرت شفافة ،اسبح بروحي من زاوية لاخرى ..هنا ،عند هذه المرحلة اكون قد وصلت الى قمة الصفاء الذهني والراحة النفسية ما يجعل مكنونات صدري تطفو الى السطح بينما يغوص تفكيري في اعماق محيط الحياة ،استكشف فيه ابعادا جديدة تزيدني في الدنيا بصيرة .
اكتب هذه السطور وكلي شوق لتلك اللحظات التي ما عادت متاحة الا في مناسبات نادرة وقد كانت بالامس الذاهب ديدني وعادة لم تفارقني منذ الطفولة
اكتب بالشوق حروفا من حنين الى زمن ولى و لم يعد ...وكل ما تبقى منه ذكريات تزورني حين تلوح في الافق امارات قدوم هذا الموعد.