رسالة ’’تصنيف الناس أو الرد على منكري التصنيف‘‘

[ابو اكرام فتحون]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رَكان

نعم فمن تكلم في غير فنه أتى بالعجائب..
والكل يقف على صعيد اختاره ..مستمسكا برؤية وتوجه ورأي عالم يثق في علمه ..وهنا يستوي الجميع في ذلك ..
أثرت أمر الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله وكتابه تصنيف الناس ..وإنه لقامة العالم الجليل الجهبذ ..عضو هيئة كبار العلماء مشهود له بالعلم والورع والعدل والإنصاف ..ولم يقدح أحد في علمه ومكانته على عهد كبار العلماء من أمثال بن باز وابن عثيمين والألباني ...وليس لغيره من الأحياء من العلماء أن يفعل وبعضهم لايحسن القول فيه غير عالم الفجأة مثلما وصف أحدهم يوما الشيخ عبيد ...
فأين هم من الشيخ بكر ليحكموا على رأيه صوابا كان أو خطأ ...ثم ليس لأحد ..أن يختار لغيره وصاية ..مايجب عليه فعله أو اتباعه من العلماء ..
فإن راود أحدهم ولو للحظة ..أنه استوثق بعروة الحق حصرا بيمينه ..فليعلم أنه شط وابتعد عن الجادة ..بل تعصب وغلا واغتر وزها .برأيه ...وجزم بما لم يحدث وأن جزم به أحد عبر التاريخ من العلماء ..
فهذه مسائل يمكن الأخذ والرد فيها وليست من العقيدة في شيء ...ليعقد عليها الولاء والبراء ..أ ويمتحن إيمان الناس بها ...
رحم الله الشيخ بكر أبازيد ونفع الناس بعلمه وإنه ركيزة من الركائز لم تعد قائمة ولن يحل عوضها ركيزة الا ما خلفه من كتب ومقالات ..لاحرم الله عامة المسلمين النهل من عظيم خيرها الى يوم الدين ...

الصعيد الذي وجب أن نقف عليه جميعا و حتى لا نكون في حيرة هو التأكد يقينا بالمعرفة التامة أن قيام أهل العلم بواجب البيان والنصيحة والشهادة لله بالقسط تجاه من أخطأ أو تجاه الأخطاء والمخالفات المعلنة المنشورة و المنتشرة بيانا بالعلم والعدل والأدب بالأدلة والبراهين - الشاهد بينهم الأدلة والبراهين - لم يكُن أبدا من قبيل الطعن في الأعراض وانتهاك حرمة المسلم أو مصداقية المنصوح له وليس بالغلو و لا التطرف و ليس بالغيبة ولا الطعن في عرض المسلم و لا تتبع لعورته و لا نميمة و لا سوء ظن و لا استماع للقيل والقال و لا نشر للشائعات، و لا زرعا للاختلاف والتفرق والسعي في إثارة الفتن والإيقاع بين الإخوة المتحابين، و لا تعيير للمسلم بكشف ستره وسره وفضيحته وإشاعة أخطائه، و ليس بالعنف والغلظة والشدة مع الناس، وليس ُبعدٌ عن الجادة ولا تعصبا ولا اغترارا ، و ليس إنتقاصا و قدحا في حسن خلق الناصح وحسن دعوته ورفقه مع الآخرين .
بل هو ببساطة توحيد لصف الأمة و هو من النصح المقدم من الناصح للمنصوح ولعموم الأمة و هو قيام بواجب النصيحة والبيان عنه وعن غيره من المتقاعسين مما قد لا يُفهم معناه أو يغترُّ به السامع أو يستغله المغرض لقلب الحقائق والمقاصد و التلبيس على الناس .
فقد قال محمد بن بُندار السباك الـجُرْجَاني : قلت لأحمد بن حنبل : إنه ليشتدُّ عليّ أن أقول : فلان ضعيف ؛ فلان كذّاب ؟
قال أحمد : " إذا سَكتَّ أنتَ وسكتُّ أنا فمتى يَعرف الجاهل ؛ الصحيح من السّقيم ".

وقد كان سلفنا يتقبلون النصح بدون تكبر و لا معاندة و لا عُجب و يفرحون بالنصيحة أشد فرحا و هاهو عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: ( رحم الله امرأً أهدى إلي عيوبي ) وكان يسأل سلمان عن عيوبه، فلما قدم عليه قال: ما الذي بلغك عني مما تكرهه.
قال: أعفني يا أمير المؤمنين فألح عليه، فقال: بلغني أنك جمعت بين إدامين على مائدة وأن لك حلتين حلة بالنهار وحلة بالليل.
قال: وهل بلغك غير هذا ؟ قال: لا، قال: أما هذان فقد كفيتهما.
وكان يسأل حذيفة ويقول له: أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في معرفة المنافقين فهل ترى علي شيئا من آثار النفاق.
فهو على جلالة قدره وعلو منصبه هكذا كانت تهمته لنفسه رضي الله عنه.
فذلك ما عُرف عن سلفنا الصالح و لم و لن يكُونَ ذلك مذمة أو شيء مريب أو مشين لمن عرف منهجهم و عقيدتهم رحمهم الله ولايزال بإذن الله من العلماء العاملين الناصحين من يتمسك بذلك المنهج الرباني العظيم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
ردنا الله وإياكم وأمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم جميعا إلى دينه رداً جميلاً
و جعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه
و ألف بين قلوبنا على الهدى و الحق .