حكم تولي المرأة مناصب الرجال من وزارة أو إمارة أو قضاء
للشيخ عبيد الجابري حفظه الله
السؤال
هذا السائل من الجزائر يقول: هل يجوز للمرأة أن تستعمل قاضيةً للأحداثِ أو التحقيق؟
الجواب :
[/color]قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لَن يُفلِحَ قَومٌ وَلِيَ أمرَهُم امرأة))، وفي رواية: ((لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً))، هذا حديث أبي بكرة وهو في الصحيح.
قاله – صلَّى الله عليه وسلَّم – لمَّا بلغهُ أنَّ فارس وَلَّوا أمرهم بنت كِسْرى بعد موته، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فإذا وَرَدَ نصُّ عام في واقعةٍ خاصة فإنه يشملها بعمومه شمولًا أوَّليًا كما يشمل ما كان في معناها، والنَّفيُ الذي فيه نَفْيُ الفلاح من صِيغ النَّهي الفرعية، والأصلُ في النَّهي التحريم، فيحرُمُ على المسلمات أن يلينَ مناصب الرِّجال من وزارة أو إمارة أو مُحافظة أو قضاء، أو إدارة أعمال الأصلُ فيها للرجال، لكن إدارة أعمال نسائية هذه لا بأس.
وبعض المُتحذلِقَة اعترض على هذا بقول أم سلمة - رضي الله عنها - للنَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عام الحُديبِية، حين صدَّهُ المشركون عن العُمرة، فأمَرَ أصحابه بالتَّحلُّل من العُمرة، فتلكئُّوا - رضي الله عنهم - لا عصيانًا لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -، فهم أولئكم القوم الذين لا أَحَدَ منهم أو لا أَحَدَ من البشر يسبقهم على محبة النَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا يشاركهم فيها أحد من البشر، فالنَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أَحبُّ إليهم من أموالهم وأنفسِهم وأهليهم وأولادهم، لكن تَلَكَّئوا نفوسهم مُتعلِّقة بالعُمرة، فدخل وخرج، فرأت أم سلمة - رضي الله عنها - في وجهه الغضب، فقالت: يا رسول الله مالك؟ أو من أغضبك؟ قال: أنا أقول لهم تحلَّلُوا فلم يفعلوا، قالت: افعل أنتَ، احلق وأنحر هَدْيَك، فأخذ النَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بِهذه المشورة، فلمَّا فَعَل فَعَلَ القوم، حلقوا رؤوسهم ونحروا هدْيَهم.
والجواب عن هذا:
أوَّلًا: لم يَستشر النَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أم سلمة، لكن هي أشارت عليه، فَقَبِلَ مشورتها، فهي عرضت عليه دون طلب والعقلاء يفرِّقون بين العرضِ والطلب.
ثانيًا: ننظر في العمل؛ هل كانت هذه قاعدة مضطردة؟
والجواب: لم تكن هذه قاعدة مضطردة عامة، فالنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يستشر امرأة قط لا من زوجاته ولا من غيرهم، لم يستشر أيِّ امرأة في أمور الحُكم أبدًا.
ثُمَّ كذلك الخلفاء الأربعة ثُمَّ من بعدهم من خلفاءِ المسلمين، فعمل السلف على هذا الحديث - حديث أبي بكرة المتقدِّم -.
ومن هنا؛ نقول: لا يحلُّ لامرأة أن تدخل مجالس الانتخابات ومجالات الانتخابات، ومن رشَّحها من الرِّجال أو شَجَّعها على ذلك فإنَّه أعانها على الإثم والعدوان، لأنَّ هذا العمل من الترجُّل، هذا العمل - دخولها في الانتخابات لتكون قاضية أو وزيرة أو رئيسة بلدية أو مُحافِظة - هذا من الترجُّل، ومن سعى لها في ذلك فقد أعانها على تعرّضِها للعنة الله على لسان رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقد صَحَّ عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لعن المترجِّلاتِ من النِّسَاء. نعم.