بسم الله الرحمن الرحيم
لقد افتقدنا هذا الخلق في الأزمنة المتأخرة فما أن نبدأ بعمل أو مشروع ما حتى ننقطع، وما أن نسير خطوات حتى نمل ونتعب..
وكم من مشاريع علمية أو اقتصادية بدأت ثم انقطعت.. سواء كانت مشاريع فردية أم جماعية.. وبعد الانقطاع تتغير الوجهة من جديد.. والسبب في هذا هو أن الطبع ملول.. ولم نتعلم بعد " فن التغلب على الملل ".
ولو تصفحنا التاريخ لوجدنا أن كبار علمائنا لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه إلا بالمثابرة والمصابرة.. وكم عانوا من المشقة والأسفار..
وكم جثوا على الركب سنين.. وكان أحدهم يسهر أكثر الليل يفكر في المسألة ويقلب فيها وجهات النظر.
وإذا جاز لنا التعلم من أعدائنا.. فإن هذا الخلق موجود عند الغربيين.. يستقر الحال لأحدهم في قرية منقطعة سنوات وهو يدعو إلى أمر ما..
وتكون النتائج غالباً ضئيلة.. فلا يخرج إلا بالآحاد الذين تعلموا ومع ذلك لا يسأم ولا يمل.
وقد تعجبون أيضاً أحبابي إذا علمتم أن بعض الصحف والمجلات الغربية لا تزال تصدر من مئة سنة أو أكثر وبالاسم نفسه ودون انقطاع..
وبعض مؤسساتهم عمرها مئات السنين لم تتغير حتى في شكلها.. فمقر رئاسة الوزراء في بريطانيا عمره " 250 " سنة ولم يفكروا بالانتقال إلى مكان أوسع وأرحب.
إن هذا الاستمرار الطويل يعطي رسوخاً وتجربة.. ويخرج أجيالاً تربت من خلال هذه الاستمرارية..
والانقطاع لا ينتج عنه إلا الخيبة والندامة..
منقول للافادة