|
|
|||||||
| النقاش و التفاعل السياسي يعتني بطرح قضايا و مقالات و تحليلات سياسية |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
| آخر المواضيع |
|
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
رقم المشاركة : 11 | ||||
|
اقتباس:
من قلم : د. عمر ظاهر نارام سرجون .. حياة الأمة بحيوية لغتها كنا سنستغرب لو لم يبرز في خضم الأحداث الجسام في المنطقة العربية كاتب مثل نارام سرجون، فزمن الثورات والحروب والتحولات الكبرى يلد أنماطاً من الكتاب والفلاسفة والسياسيين يعيد خلقهم من كل زمن مماثل في التاريخ، فلم تحدث ثورة في العالم لم يكن لها خطيبها المفوّه ولغتها المتفوقة شكلاً ومضموناً، قيمة وخلقاً، صفاءً ونقاءً، وقدرة على صياغة الحاضر واستلهام المستقبل، تماماً كما يكون لها فلاسفتها ورجالها وأبطالها وشهداؤها. ولم يحدث أن جاء زمن كالذي نحن فيه ولم يجلب معه نقيض كل ذلك، ثرثارين ومهرجين وتجار حروب وانتهازيين ووصوليين وأقزاماً وخونة. تنتهي الأحداث الكبرى مهما طالت واستمرت، وتختفي وراء ستارة التاريخ، إلا أن الخطيب والبطل والشهيد يبقون على واجهته عنواناً لذلك الزمن. ولأن الشهداء والأبطال يكثرون ويكون أكثرهم في خضم الأحداث مجهولين، لا يُرَون أو يسمعون، فإنهم يذوبون في صوت الخطيب، يمنحونه القوة والروح ويخولونه التحدث بإسمهم جميعاً، ولهذا فإنه حين تفور الأحداث وتتصارع الأحزاب لن ينظر المؤرخ العاقل إلى عدة وعدد كل حزب، بل يستمع إلى خطابهم. ولن يخطئ من يحكم بأن اليد العليا ستكون للكلمة التي تتجلى فيها قوة الأبطال وروح الشهداء. أما الكلمة التي يتخفى وراءها المهرجون وتجار الحروب واللصوص والانتهازيون والأقزام والخونة فتضمحل وتندثر مثلهم. إذا أراد عاقل أن يستشرف مستقبل هذا الصراع في المنطقة العربية فليقرأ ما يكتبه نارام سرجون عن تكسر أمواج الهمجية على أسوار الشام، وليقرأ ما يكتبه كل السفهاء الذين ينعقون ليل نهار عن "الربيع العربي" بألوانه الكئيبة الخانقة كظلمة أعماق القرون الوسطى، وبنَفَسه الطائفي الظلامي البغيض. لغتان، إحداهما الثريا في مقالات نارام سرجون والأخرى الثرى في كتابات المهزومين الذين لا يجيدون غير السباب والشتيمة المقذعة والبذاءة والتحريض على القتل والكراهية. من يقرأ نارام سرجون ينمو فيه إحساس ثوري نقي، يكبر فيه الإنتماء إلى أمة عظيمة وأرض طيبة، وتكبر فيه ثقة رصينة بمستقبل هذه الأمة، إحساس بالسمو يزيح الاشمئزاز الذي تتركه في النفس متابعة التهريج والأكاذيب المثيرة للتقزز سواء في القنوات الفضائية أو الصحف والمواقع الالكترونية التابعة لخندق الناتو وتنظيم القاعدة. معذرة سلفاً، فلا أقول هذا من باب المقارنة بين الأشخاص، ولكن من باب المقارنة مع الأحداث، فلو عدنا إلى زمن البعثة النبوية لرأينا جحافل من الشعراء السفهاء الفاسدين المخمورين يتفننون في هجاء الرسول الأعظم محمد ببذاءة وقبح، لكن كلمة الإسلام النقية، المهذبة، الصافية، الغنية بمعانيها وبمضمونها الأخلاقي كانت هي العليا. على أن الاحتفاء بنارام سرجون لا ينبع فقط من رؤية ناموس الطبيعة يسود مرة أخرى في بروز الخطاب العقلاني، التجديدي الفاعل، في زمن الثورة العربية الحقيقة، الثورة التي بدأت تلوح في الأفق بصمود أسوار الشام أمام الغزو الهمجي القادم من وراء المحيطات شاهراً سيفه على ظهور مطايا عربية، فلكل ثورة روسو وفولتير أو لينين وماياكوفسكي. إنه ينبع أيضاً من رؤية الحياة تعود لتدب في لغة الخطاب العربية بفضل هذا النفس النارامي، فاللغة العربية التي كادت أن تقتلها نتانة الخطاب الديني المتورم بالبغضاء، والذي ينضح قيحاً طائفياً ودماً صدئاً من سيوف التكفيريين، هذه اللغة التي أتعبها اصطكاك طواحين الخطاب السياسي المشحون بالنفاق وهي تجرش صخور الأيديولوجيا، هذه اللغة التي جردتها معاجمها من رغبة الحياة وحبستها في قمقم معانيها المحتضرة، هذه اللغة تستنشق الآن بفضل الصمود السوري الأسطوري نسيم الحرية إذ تنطلق من أصفادها في انطلاقة خطباء صمود الشام، فنسمع ونقرأ لغة عربية ترصع الحياة بأضواء النجوم وألوان الربيع، بصياغات واستعارات وصور وأفكار تشهد على أن العربية لغة لم تمت، بل هي تقاوم الموت الصحراوي بكل شراسة، وتنتظر من يسقيها المزيد من قريحة شاعرية مفعمة بالحب والتفاؤل، ويغوص فيها ليخرج مكنوناتها من الدرر كما قال حافظ إبراهيم. إن مجرد النظر إلى عناوين مقالات نارام سرجون يجعل القارئ المتعطش إلى لغة شعرية ثرة يتنسم الأمل في أن أول الغيث في تجديد لغة الخطاب العربي صار يتحول إلى مطر سيروي ضمأ الصحراء العربية ويبعث الحياة في أوصال الأمة نفسها. في كتابات نارام سرجون يتحول النثر إلى شعر، وتتزاحم المعاني السامية، ويتدفق الماء من ينابيع الحياة، وينساب ليتسلل إلى كل ذرة من الرمل والتراب في الأرض العربية، الأشجار تنمو والثمار تينع في كل زاوية وفي كل بيت، والزهور تتفتح، والألوان تنتشر وتتألق، ويمتزج التاريخ بالجغرافيا، والطفولة ترضع من قيم الرجولة، ويولد الجمال في كل جملة وعبارة، ويهدهد نسيم الحرية لجيل من الأدباء ينتمون إلى مدرسة نارام سرجون، مفعمين بفحولة أدبية تخصب الأرض والفكر، وتنتج غذاء وفيراً للعقل العربي الذي يريد أصحاب الفتاوى السقيمة مصادرة حريته وخنق صوته في دوامة لا نهاية لها من قرقعة الرؤوس المجبولة من المعادن الصدئة. نحن على أعتاب ثورة لغوية وأدبية من روادها الكبار نارام سرجون، ثورة تستمد قوتها وشكيمتها من صمود الشام، وستنهض بها الأمة العربية نهضتها الحقيقية. لا حاجة لمعرفة الإسم الحقيقي لنارام (إن لم يكن هذا)، فلن يمكن فصل هذا الينبوع المتدفق من الجمال الأدبي عن إسم نارام سرجون في أذهاننا ونفوسنا، فهو الأجمل والأنسب لهذه المدرسة الأدبية الراقية النابعة التي تمزج الفكر بالعاطفة والحلم بالواقع، والحب بالعناد، والكدح بالكبرياء، والبطولة بالاستشهاد حباً للحياة في سيمفونية أسطورية بدأت بجلجامش، ويتجدد عنفوانها كلما اشتد أوار الحرب بين الحياة وأعدائها. |
||||
|
| الكلمات الدلالية (Tags) |
| //////خطيب, الإخوان/////, يكره |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc