في مثل هذا اليوم من سنة 1997 وعلى الساعة الواحدة نعى التلفزيون الجزائري خبراستشهد عبد الحق بن حمودة رحمة الله عليه برصاص الظلاميين ....
ينحدر عبد الحق بن حمودة من مدينة قسنطينة من عائلة متواضعة ماديا ولكن سليلة العلم والعلماء فوالده كان إماما إبان الاستعمار الفرنسي أي من العلماء الوطنيين الذين قاوموا الاستعمار،تلامذة عبد الحميد بن باديس واحمد رضا حوحو وغيرهما.
التحق عبد الحق بن حمودة بسلك التدريس وتدرج في السلم الوظيفي ليصبح مدير مدرسة في بداية الثمانينات لكن هذا التدرج لم يمنعه من الشعور بالغبن الاجتماعي فانخرط في النضال النقابي وقد برزت شخصية عبد الحق بن حمودة النضالية غير المهادنة مما جعله يحضى بثقة القواعد والإطارات النقابية فيتدرج في المسؤوليات النقابية ليتم انتخابه في شهر جويلية 1990 أمينا عاما للاتحاد العام للعمال الجزائريين.
تبوأ الأمانة العامة في ظرف دقيق للغاية كانت الجزائر تعيش ظروف حساسة جدا أزمة مالية خانقة وتغييرات جوهرية سياسية واجتماعية.
مع نمو المد الظلامي وإعلانه الحرب على مقومات الجمهورية في الجزائر اندفع عبد الحق بن حمودة في الدفاع عن الأهداف الجوهرية للجمهورية خاصة وقد أصبحت الجزائر رهينة للإعمال الإرهابية للعمليات العسكرية لما يعرف بالجيش الإسلامي للإنقاذ (a.i.s).
لقد كانت لعبد الحق بن حمودة نظرة ثاقبة لما ستؤول إليه الأوضاع لو نجحت قوى الظلام في سيطرتها على الجزائر والعودة بها إلى الخلف إلى العدمية فتكون تضحية المليون والنصف مليون شهيد قد ذهبت سدى.
رغم اتهام البعض لعبد الحق بن حقودة بتحويل الاتحاد العام للعمال الجزائريين إلى أداة سياسية إلا انه لم يتراجع فيهادن قوى الظلامية ويساير السلطة ويؤيدها في كل ما تقوم به بل واصل نضاله الاجتماعي والمطالبة بتحسين وضعية العمال والوقوف في نفس الوقت ضد الظلاميين لم يقف على الربوة بل واصل نضاله شاحذا عزم العمال للدفاع عن مكتسبات الجمهورية وتضحية الشهداء من حكم الظلاميين.
لقد كان عبد الحق بن حمودة يعلم أن العمال والمزارعين الفقراء هي الشريحة التي ناضلت من اجل الاستقلال وهي المؤتمنة على دم الشهداء .
لقد كان مناضلا من اجل الحرية والديمقراطية والتقدم والحداثة.
على الساعة الواحدة والنصف بعد الزوال من الثامن والعشرين كتنون الثاني/جانفي 1997 وعند خروجه من دار الشعب مقر الاتحاد العام للعمال الجزائريين وبينما كان بصدد فتح باب سيارته هطل عليه وابل من الرصاص فسقط الشهيد مخضبا بدمائه وقد أصيب في وحهه وفي رقبته وفي العمود الفقري وفي ذقنه لقد كان الأمر الذي أصدره مدني مرزاق رئيس عصابة ما يسمى بالجيش الإسلامي للإنقاذ لزبانيته هو التركيز على الرأس طبعا لأنهم أعداء العقل وانه كانت هاته العملية الأخيرة فإنها لم تكن الأولى لقد سبقتها محاولة قتل في سنة 1993 حينما كان يغادر محل سكناه بالقبة إحدى ضواحي العاصمة الجزائرية وبعدها بسنة تم اغتيال أخيه وعمه بقسنطينة مسقط رأسه وكان الهدف من تلك التهديدات جعل الاتحاد العام للعمال الجزائريين وأمينه العام مساندا للإرهابيين ولكن الأبطال لا ترهبهم التهديدات ولا تثنيهم عن الوقوف في وجه الظلم والظلاميين.
إن عبد الحق بن حمودة شمعة لم تنطفئ ولن تنطفئ انه شهيد الحركة النقابية المغاربية وهو كذلك شهيد الحرية والتقدمية والديمقراطية.