بشـّر وزير المالية، عبد الرحمان بن خالفة، الجزائريين بـ "عذاب أليم" ينتظرهم، في حالة ما لم يُخرجوا أموالهم من بيوتهم ويُودعوها في البنوك والمصارف. والحال أن مثل هذا الإنذار، مخيف ومرعب، ويثير الاستغراب والاستفهام والتعجّب أيضا!
هل سيقتنع التجار ورجال الأعمال والمستثمرون والصناعيون والمستوردون؟ وهل يتملـّكهم الخوف من هذا "العذاب الأليم" الذي ينتظرهم؟.. بعيدا عن أيّ إجابة، الظاهر أن الخبير السابق، الوزير الحالي، لم يصل إلى هذا المستوى من التنبيه، إلاّ بعدما بلغ السيل الزبى، وتكاد الخزائن والصناديق تجفّ كنتيجة حتمية وطبيعية لجفاف ضرع "البقرة الحلوب"!
عفوا.. قد يقول قائل إن "بقرة اليتامى" لم ولن تجفّ، وإنـّما ما حصل وقد يحصل مستقبلا، هو أن "السومة" تراجعت وقلـّت، وهناك فرق بين الجفاف وزخات الأمطار، مثلما هناك فرق بين جني القنطار أو جمع المليار، وبين حصد الكيلو وعدّ الدينار!
كلّ التنبيهات والتحذيرات التي ترد على لسان وزير المالية، هي في الحقيقة، واقع مرّ، وهي أيضا "شرّ لا بدّ منه"، حتى بالنسبة إلى عدد كبير من الوزراء، زملاء بن خالفة، داخل الحكومة. ولذلك فإن ما يقوله "الصديق اللدود" لعبد الرحمان مبتول، يندرج في سياق شدّ الأحزمة وربط السراويل!
قد يكون مع بن خالفة كلّ الحقّ، في التدابير التي ينادي ويُغالي بها، باسمه وباسم الحكومة التي ينتمي إليها، لكن ماذا بقي للزوالية من الجزائريين، أن يفعلوه أكثر مما فعلوه؟ وهل بلغت الأزمة المالية إلى حدّ تحميل المسؤولية لمن لا جمل له ولا ناقة في الموضوع؟
يتخوّف المتخوّفون، الآن مع الشروع في "التزيار" أكثر، والبحث عن أحزمة أكثر قابلية للشدّ والمدّ، من الوصول إلى مرحلة تطبيق المثل الشعبي القائل: "يديرها الفرطاس وتحصل في بولقرون أو بوالشعور"، فعندما تصل الضائقة بوزير "الدراهم" إلى حدّ تبشير الناس بـ "العذاب الأليم"، فهذا قد يُفسره المتشائمون بأنه الارتباك والوصول إلى محطة قول كلّ شيء من أجل لا شيء أو من أجل الحفاظ على بعض الشيء!
الكثير من الكلام المنمّق والنصائح المفيدة، "تجاوزها الزمن" الآن، بسبب بلوغ أزمة البترول المفتعلة من طرف "مخابر دولية"، إلى "السكرات"، وهو دون شك مبرمج ومقصود، والمشكلة فينا وفي كلّ من لم يبحث عن البديل ومخرج النجدة قبل حلول الكارثة!