”سميرة. خ” أنقل هنا قصتها المريرة مع الإرهاب والتي نشرتها أمس على صفحتها على الفايسبوك، وهي تعيش بمرارة ما حدث في باريس، وهي تعيش اليوم مهاجرة بإحدى المدن الفرنسية. تقول سميرة: ”كان ذلك سنة 1995، كنت تحصلت للتو على شهادة البكالوريا وبدأت أخطو أولى خطواتي بالجامعة، جامعة قسنطينة، وكانت عطلة نهاية الأسبوع، ركبت القطار المتوجه إلى بلدتي جيجل لزيارة أهلي هناك، وفي الطريق اعترضت مجموعة إرهابية تتكون من حوالي 100 إرهابي طريق القطار (لم تذكر مكان الحادثة)، وإذا بها توجه أسلحة الكلاشنيكوف نحو عربات القطار ثم أمرت بعض الركاب بالنزول، وأنا ملقاة على بطني داخل القطار، شاهدت الموت بأم عيني، شاهدت شبابا يبتلعون بطاقاتهم العسكرية حتى لا يتعرف عليهم الإرهابيون ويقتلونهم، وآخرون يلقون بأنفسهم من نوافذ العربات في محاولة للنجاة بأنفسهم، وفتيات يلبسن على عجل ما وجدوا تحت أيديهم، قطعة قماش أو أي شيء لتغطية شعورهن... وبعدها طال الانتظار... انتظار تحت أصوات الرصاص والتفجيرات، قبل أن يصعدوا إلى عربات القطار ويأمروننا بالنزول، ثم صففونا إلى جانب بعضنا البعض… ونحن ننتظر ساعتنا كنا نتساءل عن الطريقة الأفضل لنقتل بها لو كان لدينا الخيار... بعدها اقتادوا مجموعة من الرجال، ضربوهم أمام أعيننا قبل أن يذبحوهم ويفصلوا رؤوسهم عن أجسادهم، بينما أطلقوا سراح آخرين، بينما بقي الآخرون رهائن لساعات طويلة ومريرة...
أتحدث اليوم هنا عن هذه الجريمة، لأن الأصعب بالنسبة لي كانت لا مبالاة الآخرين.. فلا تسكتوا ولا تلوذوا بالصمت وقولوا للإرهاب والبربرية لا! أنا إنسان وعليّ أن أندد بالإرهاب حيثما كان، في الجزائر وفي لبنان وفي فرنسا وفي كل مكان...”.
انتهت الكلمات المريرة للصديقة سميرة، لكن مرارتها ستبقى في حلقها إلى الأبد، وستتذكرها مع كل عنوان لمجزرة. سميرة رفعت الرسالة إلى الكل، لكنني أنقلها هنا إلى أولي الأمر منا قبل الداعمين والممولين والمسلحين للإرهاب، أرفعها إلى من حكموا البلاد بعد فترة الدم، هؤلاء الذين يتصارعون اليوم على الحكم، يبدو أنهم نسوا قصة سميرة ونعيمة ورشيدة وكل ضحايا نار الإرهاب، وإن كان من حظ سميرة النجاة لم يكتب للكثيرات منهن والكثيرين منهم هذا، والمحزن في كل هذا أننا نسينا التضحيات ونسينا المجازر ونسينا كل أوجاع الجزائر ما قبل الاستقلال حتى، ونظرة على ما يجري في الساحة من تخبط ومن تجاذبات دليل على أن تضحياتنا راحت خسارة.