الفرق بين تخفيف القرآن وتيسيره للذكر:
قد يعترض معترض ويقول، ألم يقل تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}؟ والجواب: معنى تيسيره للذكر أنه ميسر للقراءة في كل مكان وزمان، وأنه يخاطب جميع المستويات في كل العصور، الشاب والشيخ، الرجل والمرأة، العالم والأمي. ومعناه كذلك أن القرآن كلام الله عز وجل، ولولا أنه يسره لعباده لما استطاعوا ان يتكلموا بكلامه. وهذا تفسير ابن عباس. ويقول القرطبي: لولا أنه سبحانه جعل في قلوب عباده من القوة على حمله ما جعله، ليتدبروه وليعتبروا وليتذكروا ما فيه من طاعته وعبادته واداء حقوقه وفرائضه، لضعفت ولاندكت بثقله، او لتضعضعت له، وأنى تطيقه؟ والله تعالى يقول: {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا القُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}، فأين قوة القلوب، من قوة الجبال؟"- رفع القرآن من المصاحف والصدور، وهي عقوبة تنزل آخر الزمان، نتيجة الاستمرار في الظلم وسوء التعامل مع القرآن. جاء في الحديث الصحيح: "يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يُدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، وليُسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة، فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس: الشيخ الكبير والعجوز، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة (لا إله إلا الله) فنحن نقولها."يقول المؤلف "إن الحرمان من القرآن يكون تدريجيا، يبدأ بالحرمان من روحه، ومن حلاوته، وأثره المزلزل في تغيير الشخص، وينتهي بالحرمان من ألفاظه".