![]() |
|
ممّا راقـــنـي هذا المنتدى خاصٌ بمنقولات الأعضاء مما يـنـتـقـونه من عذب الكلام. |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
المقالة الانشطارية للدفاع عن اللغة العربية في الجزائر ( للأستاذ / حسين ليشوري )
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() جمع المخنث السّالم و جمع المسترجل السّالم (أو المقالة الانشطارية للدفاع عن اللغة العربية في الجزائر) الجزء الأول 1- في البدء: إن الغراب و كان يمشي مشيـة = فيما مضى من سالف الأجياللا أعرف،ـ فيما اطلعت عليه، لغة من لغات العالم قديمها و حديثها، الميتة منها و الحية، تعرضت للعداء و الخصومة و المحاربة كاللغة العربية، و لعل السبب المباشر لهذه المحاربة و تلك الخصومة و ذلك العداء أنها لغة ترتبط ارتباطا وثيقا بالإسلام الحنيف و قبله بالقرآن الشريف، إذ لا يجوز فصل أحد هذه الأركان الثلاثة عن أخويه دون إلحاق الضرر بهما كذلك، و لو كانت بلا علاقة مع القرآن و الإسلام لتركت لحالها أو ربما عني بها كما عني باللغات الأخرى الحية منها و الميتة، و مادام أولئك الأعداء و الخصوم عاجزين عن تحطيم الإسلام العتيد مباشرة، و قد حاولوا و يحاولون دائما، و ماداموا عاجزين كذلك عن إبعاد المسلمين عن القرآن المجيد، لم يبق لهم إذن سوى اللغة العربية يحاربونها و يعادون أهلها عساهم بطول الأمد و توفير العدد أن يصلوا إلى غاياتهم و يحققوا أهدافهم فيضروا بالقرآن و يضربوا الإسلام غير مباشرة عن طريق محاربة اللغة العربية فاللغة هي الثور الأبيض الذي يجب أكله أولا لكن هيهات، هيهات لما يمكرون! 2) وصف العربية: اللغة العربية بحر واسع عميق بل محيط شاسع سحيق، هذه حقيقة يعترف بها كل من درس العربية دراسة جادة مستبصرة متأملة غير واقفة عند حروفها و حوافها، و يقر بها أيضا من خاض غمارها و غاص في أعماقها باحثا عن خباياها مستكشفا خفاياها سواء أكان الدارس من العرب أو من غيرهم من الأمم ممن تجردوا للحق و لم يعمهم التعصب المقيت و لم يصمهم الحقد البغيض فوجدوا فيها ما ينطق الحمائم الشجية و ما يسكت البهائم الجشية بفصاحتها و بيانها و خصائصها، فكم من أعجمي أغتم غير فصيح صار حجة في العربية يستفتيه العرب فيها و يسترشدون بقوله بل إنهم لا يقطعون فيها برأي إلا بحكمه لما سحرته هذه اللغة و أسرته بقدرتها على التعبير عن خوالج الخاطر و هواجس النفس، ألم يكن في لسان سيبويه إمام النحاة الفارسي الأصل حبسة لا يستطيع الإفصاح بسببها؟ تأملت هذه اللغة العظيمة، وأنا العاشق لها الولهان بها، فتعجبت من سعتها و عمقها، فهي واسعة حتى أن المحيط الهادئ ليبدو إزاءها بركة صغيرة حقيرة، وهي عميقة حتى أن جب المارياناس (شرق جزر الفلبين) ليبدو بجانبها كالفنجان الضئيل أو كالقدح التافه! و تذكرت قول شاعر النيل حافظ إبراهيم، رحمه الله، على لسان العربية إذ قالت: أنا البحر في أحشائه الدر كامن = فهل سألوا الغواص عن صدفاتي؟ فصدقته عن معرفة و أيدته عن قناعة و لم أكرر قوله عن هواية فكتبت هذه المقالة عن دراية. 3) أعداء اللغة العربية: و تعجبت من أولئك الذين يعادون اللغة العربية من أبناء العرب و هم بها جهلة و لادعاءات الخصوم نقلة، كيف يصدق فيهم المثل السائر"الناس أعداء ما جهلوا" و عجبت منهم كيف يرغبون الناس عنها بدلا من ترغيبهم فيها، و عدت إلى نفسي و قلت:"كيف يرغبون الناس فيها و هم لها أعداء و لأصحابها خصماء؟ و قد تنكروا للغتهم و راحوا يتمسحون بأهداب لغة أخرى لا تطال العربية لا في سعتها و لا في عمقها، لغة استعار أهلها من العربية مفردات لا تكاد تحصى أو تعد؟" و ما عساني أن أقول عن هؤلاء القوم سوى أنهم يهرفون بما لا يعرفون عن لغة غيرهم و ينقلون مزاعم الناس عن لغتهم الأصلية كأنهم رجع الصدى أو كأنهم في الماء القذى، أو أنهم قد بلغوا من الصغار مبلغا لا يحسدهم عليه امرؤ يملك ذرة من العقل و ذرتين من الكرامة، أي امرؤ يحافظ على ماء وجهه، و إن إنسانا بدون ماء وجه هو و المهانة سيان، بل هو المهانة نفسها تحركها رجلان! و قد خاصم العربية صنفان من الناس، فأما الأول منهما فهم خصومها من أبناء العرب، و هم المستلبون حضاريا و المستغربون ثقافيا، و هؤلاء لا يزالون يعانون من عقابيل الاستعمار الذي رحل عن أرضهم لكن آثاره لا تزال حاضرة في نفوسهم و بادية على ألسنتهم، و هم الذين رباهم الاستعمار على عينه، فهو يرعاهم و يحميهم، و من مظاهر حمايته لهم دفاعه عنهم و تكريمه إياهم و التكفل بهم ماديا و معنويا تعليما و تثقيفا و توظيفا، و يكفي هؤلاء معرة أنهم ينتسبون إلى غير قومهم و يلحقون أنفسهم بغير آبائهم شأنهم في هذا كله كشأن الأدعياء اللصقاء، و أما الصنف الثاني فهم خصومها من غير أبنائها، فهؤلاء خصوم طبيعيون و أعداء تقليديون، عداؤهم للعربية و للعرب غريزة فيهم أو هو في حكم الغريزة لتأصله و حدته، و هؤلاء لا كلام لي عنهم و لا معهم إلا إذا ظهرت عليهم بوادر الإنصاف، فهنالك يكون لنا معهم شأن آخر فلكل حدث حديث و لكل تصرف موقف و لكل سلوك مسلك. 4) ألوان الجموع في اللغة العربية: إن ما يشد دارس اللغة العربية لكثير فيها، و قد شدني إليها قدرتها على تلبس الحالات التي تعرض للإنسان في الحياة كلها، سواء في تعامله مع عالمه أو مع باقي العلمين، و إنها لتخص كل معنى مبنى حتى قال علماؤها: "الزيادة في المبنى زيادة في المعنى". و تأملت أنواع الجموع فقط، فتعجبت لعدتها و كثرة أوزانـها و تنوع صيغـها (1)، فهناك جمع المذكر السالم و الملحق به، و جمع المؤنث السالم و الملحق به، و جموع التكسير بجموع القلة (أربعة أبنية) و جموع الكثرة (ثلاثة و عشرون بناء) و جمع الجمع، و منتهى الجموع (اثنا و عشرون وزنا) إضافة إلى الجموع النادرة و الشاذة (واحد و ثلاثون وزنا بل تزيد) و هناك اسم الجمع، و اسم الجنس الجمعي، واسم الجنس الإفرادي...إلهي! ما هذا كله؟ هذه الجموع وحدها فقط فما بالي بباقي اللغة العربية بخصائصها في نثرها و نظمها، و بترادفها و تضادها و مشتركها و إلحاقها و بحذفها و استغنائها و إتباعها و جوارها، وفي نحوها و صرفها و بلاغتها بيانا و معاني و بديعا ؟! ثم يأتي جاهل يدعي المعرفة فيقول إن اللغة العربية لغة ميتة لا تصلح إلا للمتاحف؟ فإن لم يكن هو الميت فعلا لتفسخه ثقافيا و انحلاله إنسانيا فهو في حكم الميت بجهله المركب لأنه لا يدري و لا يدري أنه لا يدري، و الجهل أخو الموت! إن اللغة العربية لغة حية و فيها حياة الأمم و الحضارات، و إن تعلمها ليزيد في المروءة و فيه رفعة للهمم. 5) جمعان جديدان: تأملت حال الناس اليوم و تنوعهم و اختلافهم شكلا و مضمونا، و رأيت أن العربية قد وسعتهم لفظا و معنى، و قد لاحظت فشو بعض الأجناس التي كانت نادرة في وقت ما، و كانت تعتبر شذوذا في المجتمعات، و الشاذ يحفظ و لا يقاس عليه كما يقول أهل اللغة، أما اليوم فقد جعل منها انتشارها ظواهر عادية أو هي في حكم العادي، قد تبدو كأنها الأصل المطرد و غيرها الشاذ النادر فتألّمت ! و وددت لو أنني أجد في اللغة العربية جموعا لتلك الأجناس تدل بمبانيها على معانيها، أو تشير بصيغها إلى صورها، و من تلك الأجناس جنس المخنثين و هم المتشبهون بالنساء من الرجال، و جنس المسترجلات و هن المتشبهات بالرجال من النساء و لاسيما في أوساط المثقفين و أشباههم عندنا ! و أخذت أفكر في ذلك الصنف من الذكور الذين يشبهون الرجال و ليسوا رجالا، كيف يمسخون أنفسهم جنسا لا هو بجنسهم الأصلي و لا هو بالجنس الذي يحاولون الدخول فيه و اللحاق به، فأصبحوا بين هذا و ذاك كالغراب الذي حاول تقليد القطاة (نوع من الحمام البري) في مشيتها فأضل مشيته و أخطأ مشيها و صار معروفا بمشيته المضطربة المميزة له بين مشيات الطيور الأخرى، كما قيل : حسد القطا و أراد يمشي مشيها = فأصــابه ضرب من العقال فـأضل مشيته و أخطأ مشيهـا = فــلذلك كنّوه "أبا مرقـال" و إن حال الغراب في نظري لأهون بكثير من حال أولئك حيث لم يغير جنسه إلى جنس القطاة بل ما حاول إلا تقليد مشيتها فقط، فهو بهذا لأعقل منهم و أرشد! و ذلك الصنف من النساء اللواتي تجردن من أنوثتهن تجردَهن من قمصانهن فصرن جنسا مأفونا ازددن نقصا إلى نقصهن، بل صرن جنسا معفونا تعافه النساء الحقيقيات قبل الرجال. و رحت أطلق العنان لخيالي و قلت في نفسي:" لو سألت اللغة العربية عن ألفاظ تكون جموعا لهذين الجنسين لعلي أجد عندها بغيتي!" فقصدت مجلسها العامر و كان مُغتصًّا بالعلماء و الباحثين و المحبين العاشقين مثلي، و كانت هي تتصدر المجمع الكريم مستوية على عرشها الملكي في كمال و جلال جميلة أنيقة يعلو محياها السمح طمأنينة الثقة في النفس و سكينة الأنس بالجلساء، و رغم ذلك كله كان في عينيها النجلاوين مسحة من الحزن الدفين المكظوم و المفهوم، فلما رأيتها في أزهى حلة و أبهى خلة جرأتني بشاشتها على مساءلتها بعدما حييتها بأدب و قدمت لها فروض الولاء و الوفاء قائلا: - كيف تجمعين، يا سيدتي، المخنثين من المثقفين؟ فأجابتني عفوا و هي تبتسم ابتسام الأم الرءوم : المثقفونات! فقلت لها متعجبا : ما هذا الجمع الغريب؟ فقالت و هي تضحك : إنه جمع المخنث السالم! فضحكت لضحكها، ثم قلت بعدما استهواني الفضول و راق لي الحديث : و كيف تجمعين المسترجلات من المثقفات؟ قالت : المثقفاتون! فقلت لها : و ما هذا الجمع الآخر؟ قالت : هو جمع المسترجل السالم! و ضحكنا معا هذه المرة و استأذنتها إذ راق لي المقام و أغراني تواضعها على إتمام مقالتي هذه عندها فأذنت لي كريمة و هذه حالها. إنني أعتذر إلى اللغة العربية و إلى علمائها الغُيُرِعلى هذه الجرأة إذ أنطقتها بما ليس فيها، و ما قصدت إلا ممازحتهم و التنادر على أولئك الممسوخين فكرا و ثقافة و الذين تنكروا لجنسهم فما بلغوا قصدهم و لا هم حفظوا أصلهم، و قد سبقني إلى هذا الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، رحمه الله تعالى، ريئس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في وقته و خليفة الشيخ ابن باديس رحمه الله تعالى، حيث تنادربالمخنثين في أحد مجالسه الأدبية فصاغ الجمع الأول و نسجت على منواله و قفوت أثره في طريقته، و تقليد الكرام فلاح، فصغت الجمع الثاني، و بعد هذه الفذلكة الطريفة يتبادر إلى ذهني حقيقة أخرى و هي إن كانت اللغة العربية قادرة على صنع النوادر و اختراع المُلح (جمع مُلحة) في المزاح المباح فهي على صنع الأسماء في العلوم و المخترعات أقدر، و قد وسعت كتاب الله لفظا و غاية فكيف تعجز عن وصف آلة أو تنسيق أسماء لمخترعات؟ على حد قول حافظ إبراهيم رحمه الله. 6) مسوخ ثقافية: ورد على ذهني و أنا بصدد الحديث عن المخنثين و المسترجلات خاطر سانح عن أولئك الجزائريين المثقفين (؟!) الذين أصلهم عربي و لسانهم عربي و لغة وطنهم الرسمية العربية، و مع هذا كله تراهم يتكلمون بلغة يوحنا مريم لوبان (جان ماري لوبان)، إنني أذكر هنا هذا الشخص المقيت لأنه يمثل أبشع صور التمييز العنصري الحاقد المعاصر، و بغضه للأجانب عموما و للعرب خصوصا جعل منه مثلا يضرب و لا أذكره لذاته فهو أتفه من أن يقدر و أحقر من أن يعبر فيذكر في مثل هذه المقالة، أقول كأن أولئك الممسوخين يبتغون التشبه به في لغته و عنصريته و بغضه للعرب، و تراهم نصبوا أنفسهم دعاة للتفرنس كأن بينهم و بين فرنسا نسبا أو رحما، و وجه الشبه بين أولئك المخنثين و المسترجلات و بين هؤلاء المتفرنسين يكمن في محاولتهم الخروج عن الفطرة التي فطروا عليها إلى حالة أخرى مخالفة للطبيعة و مناقضة لها، فلا هم بقوا على فطرتهم و لا هم استطاعوا إدراك غايتهم، و إن أولئك يمارسون "الترافيستيزم" الجنسي (التخنث و الترجل) و هؤلاء سقطوا في "الترافيستيزم" الثقافي و اللغوي دون شعور منهم أو بشعور، و "الترافيستيزم" في أصله تزييف للحق و تشويه للحقائق و مسخ للفطر! هذا و إن الكلام جاء هنا عرضا و الحديث ذو شجون كما يقال و لم أقصد إليه قصدا إنما القصد ما يأتي بعد حين. (يتبع)
|
||||
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
المقالة |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc