القواعد الذهبية للعلاقات الزوجية في ضوء القرآن الكريم - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

القواعد الذهبية للعلاقات الزوجية في ضوء القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-08-29, 11:15   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

"لينفق ذو سعة من سعته"




المال عصب الحياة، وبه ينهض الإنسان، ويؤدي دوره في هذه الحياة، كما قال تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا}([1]).


والمال من أعظم أركان الحياة الزوجية الهانئة، وغالباً ما يكون فقده سبباً لمشاكل زوجية، وضعفاً في قوامة الرجل، إذا إن من أسباب إسناد القوامة له تكفله بالمهر والنفقة، كما قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}([2]).


ولعل في الفقرات التالية ما يوضح المقصود من هذه القاعدة:


أولًا: - الاعتدال في النفقة:


يربى الإسلام أتباعه على الاعتدال في الإنفاق، فلا إسراف يصل إلى حد التبذير، ولا إمساك يصل إلى حد البخل والتقتير، والقاعدة في هذا قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}([3]) وقوله تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا}([4]) مع قوله تعالى: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}([5]).


ومما يؤسف له أن كثيرًا من المسلمين - ولاسيما الشباب، وحديثو العهد بالزواج - يخلِّون بهذه التعاليم الربانية، فيقعون في أحد طرفي الذم، فتسوء العشرة الزوجية، بسبب التقتير، أو بسبب الفقر، وتراكم الديون، نتيجة الإسراف والتبذير.


إن على الزوجين العاقلين أن يُنظِّما حياتهما الاقتصادية، وأن يضعا ميزانية الأسرة، يحددا فيها منافذ الصرف، ويجعلا نصيبًا للادخار، والطوارئ، ومستقبل الأسرة، والأولاد، وأن يشرك الرجل امرأته، والعقلاء من أولاده في هذا التنظيم، مع الصدق والصراحة في المقدرة المالية، إن كان من ذوي الدخل المحدود، والبعد عن المظهرية الجوفاء، وفي الحديث: "المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور"([6])، وبهذا تحسم موارد إشكالات كثيرة، ونزاعات أسرية، ويعيش الجميع أحباء أصفياء، لا يوصف المعيل بالبخل، ولا العائل بالطمع، أو السفه، أو الإسراف.


ثانيًا: - عدم النفقة بيبح الفسخ:


وجملة ذلك أن الله تعالى قال: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}([7]).


وليس من المعروف الإمساك مع عدم النفقة([8])، ولعدم نفقة الزوج على امرأته أحوال هي([9]):


1- أن يمتنع عن الإنفاق لعسرته، وعدم وجود ما ينفقه، فالمرأة حينئذ مخيرة بين الصبر عليه، وبين فراقه، وقد ثبت عن عمر t أنه كتب إلى أمراء الأجناد، في رجال غابوا عن نسائهم، فأمرهم بأن ينفقوا أو يطلقوا"([10]) وقال ابن أبي الزناد: "سألت سعيد بن المسيب عن رجل لا يجد ما ينفقه على امرأته، أيفرق بينهما؟ قال: نعم، قلت: سنّة؟ قال سنّة"([11])، قال ابن قدامه: (وهذا ينصرف إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم)([12]).


2- أن يمتنع عن الإنفاق مع يساره، لبخله، أو غيبته، أو مضارّته، فإن قدِرت على أخذ نفقتها أخذتها، ولا خيار لها؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلمامرأة أبي سفيان بذلك([13])، ولم يرشدها إلى الفسخ.


3- أن يمتنع عن الإنفاق، مع عجزها عن أخذ النفقة، وعجز الحاكم عن ذلك، فحينئذ يثبت لها الخيار في الفسخ، لكن كل موضع ثبت لها الفسخ لأجل النفقة، لم يجز الفسخ إلا بحكم حاكم([14]).


ثالثًا: - فضل صبر المرأة على فقر زوجها:


لا شك أن فقر الزوج مصيبة للزوجة، فإن صبرت واحتسبت فلها أجر الصابرين، الوارد في الكتاب والسنة، مثل قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}([15]) وفي الحديث: «ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه، حتى الشوكة يشاكها»([16]).


ولقد كان من هدي أمهات المؤمنين، والصالحات من نساء المسلمين، الصبر على فقر أزواجهن، وتدبير أمور المعيشة بحكمة وحنكة، بل وتقديم العون على قدر الاستطاعة، حتى تحمي زوجها من مد يده لغيره، فعن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت لعروة بن الزبير: "يا ابن أختي! إنا كنا لننظر إلى الهلال، ثلاثة أهلة في شهري، وما أوقدت في أبيات رسول الله نار!. فقلت: يا خالة ما كان يعيشكم؟! قالت: الأسودان التمر والماء"([17]).


وعن أبي هريرة t قال: "ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من طعام ثلاثة أيام حتى قبض"([18]) وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "وإن كنا لنرفع الكراع - عظم تحت الكعب([19]) - فنأكله بعد خمس عشرة، قيل ما اضطركم إليه؟! فضحكت، فقالت: ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلممن خبز بر مأدوم، ثلاثة أيام حتى لحق بالله"([20]) وعنها قالت: "ما أكل آل محمد صلى الله عليه وسلم أكلتين في يوم إلا إحداهما تمر"([21]).


وها هي فاطمة الزهراء - رضي الله عنها - تأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى، وبلغها أنه جاءه رقيق، لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرشدها وعليًا فقال: "ألا أعلمكما خيرًا مما سألتماني؟ إذا أخذتما مضاجعكما، تسبحا ثلاثا وثلاثين، وتحمدا ثلاثا وثلاثين، وتكبرا أربعًا وثلاثين، فهو خير لكما من خادم"([22]).


وإن في قصة أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها - عبرة لكل من ابتليت بزوج فقير، قالت أسماء: "تزوجني الزبير وماله في الأرض من مال، ولا مملوك ولا شيء، غير ناضح - جمل يُسقى عليه - وغير فرسه، فكنت أعلف فرسه، واستقي الماء، وأخرز غربه - دلوه - وأعجن... وكنت أنقل النوى من أرض الزبير، التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي، وهي مني على ثلثي فرسخ([23])... قالت: "حتى أرسل إليَّ أبو بكر بعد ذلك بخادم، يكفيني سياسة الفرس، فكأنما أعتقني"([24]).


هذه نماذج يسيرة، لصبر النساء المؤمنات على فقر أزواجهن والوقوف بجانبهم، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولًا، وكم من فقراء حسبوا أن الفقر ضربة لازب، ثم تتبدل أحوالهم، ويرزقون من حيث لا يحتسبون.

([1]) سورة النساء، الآية: 5.

([2]) سورة النساء، الآية: 34.

([3]) سورة الفرقان، الآية: 67.

([4]) سورة الإسراء، الآية: 27.

([5]) سورة الحشر، الآية: 9.

([6]) رواه البخاري، كتاب النكاح، ح (148) (7/61) مسلم كتاب اللباس، ح (2129) (3/ 1681).

([7]) سورة البقرة، الآية: 229.

([8]) انظر: المغني (11/ 361) وحاشية الروض المربع (7/ 124).

([9]) انظر : المغني (11/ 361- 365).

([10]) رواه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب النفقات (7/ 369) وعبد الرزاق في المصنف، كتاب الطلاق (7/ 93).

([11]) رواه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب النفقات (7/469).

([12]) المغني (11/ 361).

([13]) سبق تخريجه، انظر، ص: 34.

([14]) انظر : المغني (11/ 365).

([15]) سورة البقرة، الآيات 155- 157.

([16]) رواه البخاري، كتاب المرضى، ح (1) (7/ 208) ومسلم كتاب البر، ح (2572) (4/ 1991).

([17]) رواه البخاري، كتاب الرقاق، ح (46) (8/ 175).

([18]) رواه البخاري، كتاب الأطعمة، ح (2) (7/ 121).

([19]) انظر: لسان العرب (كرع) (8/ 306).

([20]) رواه البخاري، كتاب الأطعمة، ح (49) (7/ 137).

([21]) رواه البخاري، كتاب الرقاق، ح (42) (174).

([22]) رواه البخاري، كتاب المناقب، ح (201) (5/ 89).

([23]) الفرسخ: ثلاثة أميال أو ستة، انظر: لسان العرب (فرسخ) (3/44). والميل المعروف: كيلو وستمائة متر. انظر: الشرح الممتع (4/ 351).

([24]) رواه البخاري، كتاب النكاح، ح (153) (7/ 63).









 


رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
للعلاقات, الذهبية, الزوجية, القرآن, القواعد, الكريم


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 20:01

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc