وأخيرا وصلت الأمة التي تستهلك ما لا تنتج الى الإفلاس .... أين المفر؟
ليس من الغرابة أن نصل الى هكذا وضع في هذا المجتمع الأحمق الذي يرى سيده المربي العدو اللذوذ ، مجتمع يتفنن في خلق قصص الضحك والتسلية والترفيه عن النفس ويفبرك حكايات وحكايات اشهارية تحطّم معنويات هذا المخلوق المجاهد في صمت من أجل بناء جيل طموح ليرى فيه بذرة بناء مستقبل البلاد .... أنت لست محظوظا أيها المربي المغبون في بلدك .... أنت في نظر المجتمع محور الشر .... ليس لك الحق في مكافحة الفساد من خلال تكوينك للأجيال التي تؤمن بالنشيد الوطني ..... أنت أيها المربي أصبحت تشكل خطرا على الذين ينهشون ثروات البلاد وينخرون اقتصادها مالئين بنوك سويسرا بالقناطير المقنطرة من ذهب وفضة أرض بلادك الطاهرة حتى أوصلونا الى الافلاس .... أنت أيها المربي طالبت يوما بحقوقك المشروعة فوجدت أمامك جيوشا من جمعية أولياء التلاميذ وصحافة ومجتمع مدني تصفك بأبشع الصفات الذميمة بحجة مصلحة التلميذ بدل الوقوف الى جانبك لأنك أنت الوحيد والوحيد فقط (بعد الخالق) الذي يمكن انقاذ البلاد من المفسدين بغرسك لِثقافة اسمها الروح الوطنية في نفوس البراءة التي سوف تحمل يوما مشعل المستقبل .... أنت سيد المجتمع الذي علّموه كيف يرفضك وسوف يرفضك دائما لأنه لا يريد أن يستوعب ويفهم جيدا مصطلح المربي ويقرأه بعين بصيرة حتى حوّلوك الى ذلك المغبون الذي لا قيمة له بين كمشة من أعداء الوطن .... أعداء من الطراز الإبليسي يراقبونك من خلف الستار ويحتقرونك عمدا كي تساهم بغير قصد ودون أن تدري في استحمار البراءة لأنها المستقبل فعلا .... أنت في صراع مع الخونة ، أنت من يحارب الجهل ويطمح الى بناء جيل مكافح مؤمن بوطنيته ، فمنعوك أن تكوّن ذلك الجيل الذي سوف يقول لهم يوما ما كلمته بأعلى صوته لا للفساد ... لا مكان للخونة بيننا ، نحن جيل لا نفقه في السرقة أو الغش شيئا ..... أوصلونا الى الإفلاس بين عشية وضحاها وهاهم يطالبوننا بالتقشف لأن سعر البترول انخفظ بعدما وصل يوما الى ما لم يصله في تاريخ البشرية أين كان يفترض التفكير والتخطيط ليومنا هذا (الضرف الأسود) بدل من فتح البنوك أمام الشباب لتكسير سواعدهم وزرع الخمول في أذهانهم حتى يتحول الجميع الى جهاز هضمي يتبرز ما يأكله ولا ينتجه ، شعب هضوم لا أكثر.... لا أريد ولا أتمنى أن أقول بأن المجتمع غبي رغم أنه يبدو فعلا أغبى مما يمكن تصوره عندما وقف مرارا وتكرارا ضد سيده المربي الذي لا بديل عنه (رغم أنف الجميع) في محاربة الفساد من خلال التكوين السليم لأجيال المستقبل .... فالمجتمع الذي يحارب العلم والتربية والأخلاق يستحق أكثر من الإفلاس.