كان يزورني ليلا خاصة إذا مر نهاري متعبا ،يأخذ أشكالا وأدوارا مختلفة يظهر في الغالب بصورة قبيحة، وإن حدث وظهر بصورة حسنة فسينقلب إلى صورته الأصلية في نهاية المطاف، ويصبح مخيفا .
في أحد الأيام، ذهبت للنوم ولا زلت في بدايته أي بين النوم و اليقظة ظهر لي بصفة عجوز شمطاء مخيفة ،فصرخت ونهضت مفزوعة أرتعش وتسارعت دقات قلبي ،وإذا بالكل حولي زوجي وأبنائي، هدؤوا من روعي وأشربوني ماءا .
أعدت قراءة آية الكرسي والمعوذات ومسحت بها جسمي ورجعت للنوم .
في صباح اليوم التالي جلست أفكر في سبب هذه الحالة التي تنتابني وكيفية التخلص منها، صرت أجهر بقراءة القرآن حتى تصل آياته الى كل ركن من أركان بيتي وألتزم أذكار الصباح و المساء ،لكنه كان يتركني فترة ثم يعاودني ، مع العلم أني ألتزم شرع الله وكذا عائلتي فكلنا من حفاظ القرآن الكريم والحمد لله .
في ليلة من الليالي ، إذ بكف يد خشنة الملمس، يكسو جلدها شعر كثيف أسود اللون تمتد إلى عنقي وتضغط عليه بقوة محاولة خنقي ،وأنا أصرخ طالبة النجدة لكن هيهات، فصوتي لا يكاد يتعدى حنجرتي ولو لا لطف الله بي لقتلت تلك الليلة ،قمت مذعورة ومن حولي عائلتي كالعادة فمنهم من يمسح عرقي المتصبب علي من شدة هلعي ومنهم من يضع يده على رأسي يقرأ لي آيات من القرآن الكريم .
من هول ما رأيت لم تفارق مخيلتي صورة تلك اليد البشعة الى يومنا هذا .
في أحد الأيام صليت صلاة العشاء وذهبت للنوم ونسيت قراءة آية الكرسي وما أنساني إلا الشيطان .
نمت نوما عميقا وإذا به يقتحم بيتي ، كان على هيئة شاب أسمر في الثلاثين من عمره بهي الطلعة ، دخل غرفة نومي وكنت جالسة إلى جانب زوجي على حافة السرير ، حام حولنا فرآه زوجي وصرخ بغضب ماذا يفعل هذا هنا ، ركض هاربا وركضنا وراءه، فجأة توقف زوجي عن الركض وواصلت وحدي لأني أردت مسكه وأثناء جريي لفت نظري أغراضي وقد عبث بها وبعثرها على الأرض .
في النهاية قبضت عليه متخفيا في ركن أمام باب مدخل البيت وقد تحول من شاب جميل إلى شيء غريب لا هو بإنسان ولا هو بحيوان مظهره مقزز رخو الملمس قصير القامة بطول الطفل الرضيع ، له يدان ورجلان بدون أصابع وله رأس ، عاري الجسم لاملامح لوجهه أو أعضائه الأخرى وكأنه عجينة مشكلة بلون رمادي داكن يميل إلى السواد .
ضغطت عليه بقوة وصرخت : إنه هنا...إنه هنا...
فاستيقظت وإذ بعائلتي تلتف حولي كالعادة .
ماذا أفعل ....أرهقت....بات الوضع يقلقني ... اسودت الدنيا في وجهي لكنني لم أستسلم ، بدأت رحلة البحث في الكتب عن ماهية هذه الظاهرة وما أسبابها وكيفية علاجها ، في الأخير توصلت إلى ثلاث نقاط مهمة
1- الوضوء قبل النوم .
2- النوم على الجنب الأيمن .
3- رقية نفسي قبل النوم .
طبّقت هذه النقاط بحذافيرها ونجحت نجاحا جزئيا فقط لأنه عاد من جديد .
دخل فراشي وتشبه بزوجي وإذا بوجه زوجي يتحول إلى وجه قبيح مخيف نهضت مذهولة و تفقدت زوجي وهو نائم نظرت في وجهه فوجدته بمنظره المعتاد لم يتغير فيه شيء .
ضاق بي الأمر...ما الحيلة وما السبيل...كي أنجو من هذا العذاب .
بحثت في القرآن الكريم فاهتديت للآية الكريمة من سورة النّساء
قال الله تعالى : (إنّ كيد الشيطان كان ضعيفا ) .
تساءلت بيني وبين نفسي ترى ما هي نقاط ضعفه ، فتمعنت في كلمة ضعيفا ،إذن نقطة الضعف لديه هي الضعف نفسه،ومن هنا انطلقت وقررت الآتي :
1- أنزع خوفه من قلبي كي لا يتمكن مني.
2- أرسخ في ذهني فكرة أنّي أنا الأقوى كوني أنا الإنسان.
وعقدت العزم إن إلتقيته هذه المرة فلن أخاف منه وستكون بيننا حربا طاحنة .
في الأخير عاد، والعود ليس بالأحمد هذه المرة ، وأنا في نومي العميق بدأ يزعجني ليطير النوم من عيني ويقذف الرعب في قلبي لكن هيهات ،مددت يدي وقبضت عليه ثم أشبعته ضربا فاختفى عن ناظري ، حدث كل هذا ولم أفزع أو أستيقظ بل كان نومي في تلك الليلة متواصلا دون انقطاع حتى الصباح، ثم جمعت عائلتي وأخبرتهم بما حدث ،كانت فرحتهم كبيرة وتلقيت التهاني وكأني في عيد وحمدت الله لأنه مكنني منه ، فلم أرى وجهه ثانية منذ حوالي عشر سنوات إلى يومنا هذا لقد كان الشيطان لعنة الله عليه .
قصة واقعية
بقلم:ملك نورالايمان