- قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة 183). هذه اﻵية هي الوحيدة المحكمة بموضوع الصوم، وكل اﻵيات الأخرى الواردة عن الصوم هي تفصيل لها. وفي التفصيل وضع التنزيل الحكيم احتمالين: اﻷول هو الصوم، وأعطانا آليته، أي عن ماذا نمتنع، وزمانه، وأعفى المريض والمسافر، والثاني هو الفدية وليس الكفارة، ورجح الصوم على الفدية {أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} (البقرة 184).
- وبما أن شهر رمضان يدور مع الفصول، أي هو الشهر التاسع في السنة القمرية، ولكنه ﻻ يطابق الشهر التاسع في السنة الشمسية، فالله تعالى يعلم اختلاف الليل والنهار باختلاف اﻷماكن أكثر من االفقهاء.
- وهذا العام سيكون رمضان في شهر حزيران /يونيو، المعروف بنهاره الطويل وجوه الحار في نصف الكرة الشمالي، فمثلاً في شمال أوروبا المكتظ بالسكان سيكون طول نهار الصوم حوالي 20 ساعة وأكثر، هذه الحقيقة مأخوذة باﻻعتبار في التنزيل الحكيم حيث وضع الفدية والصوم، وإنه لمن مهزلة القول حسب الفتوى أن على مسلمي شمال أوربا الصيام حسب توقيت أقرب بلد إسلامي لهم أو حسب توقيت مكة، وبرأيي الفدية هي الحل اﻷمثل لهم.
- وهناك حاﻻت لدفع الفدية لم تكن موجودة زمن البعثة المحمدية، كعمال المناجم وعمال الطرقات وكافة اﻷعمال العضلية المجهدة، والحل اﻷمثل لهؤﻻء هو دفع الفدية ويدفعها عنهم رب العمل، ومن يدفع الفدية ليس عليه {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}.
- هذه اﻵيات جاءت لتفصيل الصوم ليتسنى للإنسان أن يجتهد فيها حسب حالته، وﻻ تحتاج لسؤال أو فتوى، فالإنسان يقرر بنفسه الصوم أو الفدية لقوله تعالى {بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ* وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} (القيامة 14- 15) ولكن ﻻ يحق ﻷي انسان اختار الفدية أن يخطئ من اختار الصوم، والعكس صحيح، وبما أن هذه الحقيقة لم تكن واضحة في القرون اﻷولى، فقد قال الفقهاء أن آية الفدية منسوخة للخروج من مأزق التناقض.