أماتَ أبوك ؟
ضلالٌ ! ، أنا لا يموت أبي
ففي البيت منه
روائحُ ربٍّ .. و ذكرى نبي
هنا ركنهُ .. تلكَ أشياؤهُ
تفتّق عن ألف غصنٍ صبي
جريدته .. تبغه .. متّكاه
كأنّ أبي – بعد – لم يذهبِ
و صحن الرّماد .. و فنجانهُ
على حالهِ .. بعدُ لمْ يُشْربِ
و نظّارتاهُ .. أيسلو الزّجاج
عيوناً أشفّ من المغربِ ؟
بقاياهُ ، في الحجرات الفساح
بقايا النّور على الملعب
أجول الزّوايا عليه ، فحيث
أمرُّ .. أمرُّ على مُعْشبِ !
أشدُّ يديهِ .. أميلُ عليهِ
أصلّي على صدره ِ المُتعَبِ
أبي .. لمْ يزل بيننا ، و الحديث
حديث الكؤوس على المَشربِ
يسامرنا .. فالدّوالي الحبالى
توالدُ من ثغرهِ الطيّبِ
أبي خبراً كانَ من جنّةٍ
و معنىً من الأرحبِ الأرحبِ
وعينا أبي .. ملجأٌ للنّجوم !
فهل يذكرُ الشّرق عيني أبي ؟
بذاكرةِ الصّيف من والدي
كرومٌ ، و ذاكرة الكوكبِ
* * * * *
أبي يا أبي .. إنّ تاريخ طِيبٍ
وراءك يمشي ، فلا تعتبِ
على اسمكَ نمضي ، فمن طيبٍ
شهيّ المجاني ، إلى أطيَبِ
حملتكَ في صحو عيني .. حتّى
تهيّأ للنّاس أنّي أبي !
أشيلك حتّى بنبرة صوتي
فكيفَ ذهبتَ .. و لا زلتَ بي !؟
* * * * *
إذا فُلّة الدّار أعطتْ لدينا
ففي البيت ألفُ فمٍ مذهّبِ
فتحنا لتمّوز أبوابنا
ففي الصّيفِ .. لا بدّ يأتي أبي
.نزار قبّاني