أنشودة الصمت المستحيل..

[راعي الخير]

اقترب وحاول أن يعزف فوق أجنحتي المكسورة

معزوفة .. وأسماها أنشودة الصمت ..

اقترب وحاول أن يعيد إلى أناملي الحركة بعد السكون

حاول أن يعيدني للحياة بعد الموت ...

اقترب مد أصابعه تسارعه خطى الليل لكنه لم يهتم

وسارعها وسبقها ليُسْكِنني بقع النور ويستبق الوقت ..

اقترب وحاول جاهداً أن يمحو عتمة الليالي من على وجهي

ويعيد للعين نظرها الذي فقدته مع ما فقدت ..

اقترب وأخذ يغني

أقترب من أذني

وأخذ يسمعني

أنشودته الجديدة

وكلماته الجديدة

كل شيء ٍ كان صامتا إلا نظراته كل تسكنني ضجيجاً

كانت تملأ غرفتي المعتمة ..

كانت تسارع خطوط الضوء

وأنوار الشوارع والأزقة

أنشودته رغم صمتها .. لكني كنت أسمعها ..

وأرى دندنة شفتاه في وسط العتمة

فقط لأن النور الذي كنت أراه هو الذي كان يخرج من فمه حين ينطق الصمت

أنا لا أدري إن كان من المفترض أن أسمعه

أم أسكته ..

لكني سمعته ,, كنت بحاجة لدندنته ..

لصمته ..

لضجيجه

كنت بحاجة لأنام على أرصفة كفه ..

وأستظل ولو لمرة بظلٍ حقيقي ..

كنت بحاجة حتى لسرابه ..

كنت بحاجة لدفن نفسي وما أملك تحت ترابه ..

كنت بحاجة أن أكون مطراً أسكن في سحابه ..

كنت بحاجة لأتعلم وأنطق معه الصمت في أنشودته .. مع أسرابه

كنت بحاجة لأخرج من دائرة الحقيقة ..

وألجأ ولو للحظة لخيالِ شاعر يكتب أنشودة الصمت

ويدندن بغير صوت

كنت بحاجة لأعيش في ثواني الساعة رغم أنها بغير مؤشر يدل على الوقت ..

كنت بحاجة للخروج عن المألوف

وطرد كل الكائنات المعروفة من حياتي

كنت بحاجة لكي أطير ..

وأرى الطير على قدميه يسير ..

كنت بحاجة كي أعيش بلحظة .. حلمه المستحيل ..

فجأة

بدون إشارة ..

توقفت شفتاه عن الحركة .. عن الثرثرة ..

توقفت الساعة عن الصمت ..

وباتت تمضي .. ويمضي معها الوقت

توقفت أنشودته الصامتة وبت أسمع كلمات لا معنى لها

من غير ه ..

وكأنه استبدل المستحيل مرة ً أخرى بالمحا ل ....

وانحرفت كتاباتي ..

وبت من جديد ..

داخل دائرة المألوف ..

لا يربطني به سوى أنشودة

لم أنسها ..

لازالت في أذني ألحانها ..

رغم صمتها ..

لازلت معها ...

لأجله أعزفها ..

أنشودة الصمت ..

قطعة من معزوفة المستحيل ...



** راعي الخير**