كثير من المؤامرات فى التاريخ الانسانى طواها النسيان وتم تجميدها حتى مات كل شهود عيانها وظلت ألغازا فى التاريخ تحمل علامات استفهام تشى بالمؤامرة ولكنها تفتقد لأى دليل يمكن ان يصل بك الى اليقين، ولكن التاريخ يأبى ان يغادر دون ان يفضح تجار الدين من جماعة الإخوان فى مصر وذراعهم المقاومة التى تحرس حدود اسرائيل الآن فى غزه
وتتكشف الخيانة بما نشرته مجلة "فورين بوليسي" القريبة من دوائر صنع القرار فى الولايات المتحدة فى تقرير يشير إلى أن عرضا أمريكيا حمله وزير الخارجية جون كيرى خلال زيارته لمصر قبل عزل مرسى ببضعة أشهر، يقضى بموافقة كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وبعض دول الاتحاد الأوروبي، ودولة خليجية على إلغاء الديون الخارجية على مصر، مقابل السماح بتوطين فلسطينيى الشتات بسيناء، وأضافت المجلة أن هذه الفكرة لاقت قبولا كبيرا لدى أعضاء من حركة حماس، خصوصا أنه سيتم دعمهم بالكامل ماديا من قبل الدوحه، ولاقت قبولا حذرا من جماعة الإخوان المسلمين التى كانت تحكم فى مصر، وهو ما دفع بوفد حماس للقاء أعضاء بجماعة الإخوان سرا لإقناعهم بالأمر.
ودعم تقرير المجلة ما نشر وقت الازمة من أن إسرائيل بدأت فى تدوين جملة "قطاع غزة وسيناء" فى خانة المولد فى تصريحات عبور الفلسطينيين، ما يعنى بداية تنفيذ السيناريو، ولأن الرأى العام المصرى كان منقلبا على حركة حماس، وينظر لتحركاتها فى مصر بريبة شديدة، دفع الطرفين إلى الإسراع بنفى فكرة التوطين وإرجائها لوضع خطة إعلامية تمهد للتنفيذ. وتتكشف خيوط المؤامرة عبر دعوة حسن نصر الله زعيم حزب الله الشيعى الذى من المفترض أنه ألد أعداء الكيان الصهيونى حينما نادى بمنح الفلسطينيين معبرا دائما دون رقابة عبر الاراضى المصرية وهو ما يكرس لعملية دخول غير محدودة، ولا مسيطر عليها من داخل غزة بعد ان تمارس داخليتها عمليات طرد اجبارى للسكان من خلال التضييق وفرض المزيد من الضرائب وتكثيف عمليات القبض والتفتيش من جهة ومن جهة أخرى اسرائيل من خلال عمليات قذف واسعة النطاق بخلاف الظروف المعيشية بالغة الصعوبة والتى نشأت بعد انقلاب حماس جميعها تدفع الى الفرار الجماعى الى سيناء.
إذن المشروع الإسرائيلى الخاص بفكرة " الوطن البديل" لم يمت منذ ستين عاما، ما حدث فقط أنه كان دائما يظل حبيس الأدراج منتهزا الفرصة المناسبة للخروج إلى السطح وكانت أولى تلك الفرص فى عام 71، فى أثناء احتلال سيناء ونجح بشكل جزئى فى توطين عدد من الفلسطينيين بمخيم كندا، ولولا التدخل السوفيتى وقتها لاكتمل المشروع وتجمد حتى تلاقت المصالح بين إسرائيل وحماس وحزب الله وجماعة الإخوان، وبدعم أمريكى وتمويل "قطري" جاهز ورأس الدولة لا يمانع ذلك، مادامت رأت الجماعة أن إلغاء الديون الخارجية أهم كثيرا من منطقة صحراوية جدباء تدعى شبه جزيرة سيناء، وقال مكتب الإرشاد ان فكرة الغاء الديون سيكون لها تأثير شعبى إيجابى على الرأى العام تجعله يتقبل التخلى عن جزء من الصحراء.
ويتعدد شهود الإثبات لتعرية الخونة فيما قاله الرئيس محمود عباس (أبومازن) من ان الرئيس المصرى المعزول محمد مرسى قال له عن أهل غزة: "ناخذهم عندنا فى شبرا"
وجاءت أقوال الرئيس الفلسطينى أبومازن فيما نقلته عنه وكالة "سما" الفلسطينية مشيرا إلى أن الناس لم تعرف خطورة حماس إلا بعد سقوط الإخوان فى مصر، وأن أرباح تجارة الأنفاق كانت أكثر من خيالية وأدت إلى وجود 1800 مليونير فى غزة يهربون من الأنفاق كل شيء من السجائر إلى الصواريخ والحشيش وماكينات تزوير العملات.
وتحدث مصدر رفيع المستوى فى الوفد الفلسطينى المرافق لعباس - حسب صحيفة الحياة اللندنية قائلاً إن ما حدث فى مصر فى 30 يونيو معجزة إلهية، مضيفاً أن الشعب المصرى أنهى ظاهرة لم تكن فى بلده فقط بل فى العالم أجمع.
وكشف عن أن أبومازن حذر الرئيس المعزول محمد مرسى عندما التقاه قبل شهور من أن إسرائيل تحاول إنهاء القضية الفلسطينية ورمى غزة على مصر عبر الاستيطان فى سيناء رجوعا الى الخطة الصهيونية القديمة التى قدمها الإسرائيليون تحت مسمى الوطن البديل، ففوجئ بمرسى يقول له: "هو عدد بتوع غزة كام؟"، فقال عباس: مليون ونصف المليون فرد مرسى "يا راجل داحنا ناخذهم عندنا فى شبرا"، ولم يلتفت المعزول بعد ذلك الى ما ساقه ابومازن من ان هذا ليس لمصلحة فلسطين والقضية بقدر ما يقدم حلا للعدو المغتصب الذى يحتل الأرض ويتخلى عن مسئولياته التى يفرضها عليه القانون الدولى واتفاقيات جنيف.
وأضاف المصدر أنه يتأكد يوماً بعد يوم أن إسرائيل وأمريكا هما اللتان دبرتا صعود حماس إلى السلطة فى القطاع، موضحاً ان عباس فكر فى تأجيل الانتخابات لبعض الوقت عام 2006 لأنه كان يعلم أن حظوظ فتح قليلة، ففوجئ بتهديد أمريكى رهيب مفاده "إذا أجلت الانتخابات ولو ليوم واحد، لا تطلب تدخلا من الولايات المتحدة، بل فوجئ بسماح إسرائيل بمشاركة المقدسيين فى الانتخابات بعد ان كانت ترفض بتعنت واضح دخول صناديق الانتخابات الفلسطينية الى القدس. وحسب معهد جورج واشنطن لدراسات الشرق الأوسط فإن جزءا من الاتفاق بين الإدارة الأمريكية وجماعة الإخوان المسلمين، هو أن يتم حل القضية الفلسطينية، لكى يتم قبول حكم الإخوان المسلمين فى الشرق الأوسط، وليس فى مصر فقط، وتدشن مشروع الاتفاق فى أثناء مفاوضات عملية عمود السحاب التى شنتها المقاتلات الإسرائيلية على غزه وخرج وقتها مشروع الوطن البديل للفلسطينيين كحل نهائى لاحتواء الصراع العربى الإسرائيلى الى الأبد، وهو مشروع إسرائيلى قديم، ظل غير قابل للتطبيق حتى وصول الإخوان للحكم باتفاق إخوانى أمريكى مع حماس وشهدت المفاوضات مع حكومة إسرائيل، التى كان النظام المصرى الاخوانى يجريها بالنيابة عن حركة حماس وأملى نظام الرئيس المعزول محمد مرسى اتفاقا مذلا برعايته وضمانته على حركة الانقلاب الحمساوية، وهى المرة الاولى فى تاريخ اتفاقات الهدنة بين الجانبين الفلسطينى والاسرائيلي، التى ترعى فيها مصراتفاق هدنة فضلا عن ان اتفاق الهدنة، لم يحدد آليات وضوابط محددة تحول دون إطلاق اليد الاسرائيلية، بل ان الاتفاق عكس غطرسة حكومة نيتانياهو، وجبن ورخص نظام الاخوان، حين سمح لاسرائيل بممارسة الرقابة على القطاع، وتنفيذ اى عدوان فى الوقت الذى تتذرع فيه حكومة اليمين المتطرف الاسرائيلية بأى ذريعة مهما تكن واهية، كما استخدم مفاهيم ومصطلحات تتناقض مع حق الدفاع المشروع للشعب الفلسطينى فى مواجهة الاعتداءات الاسرائيلية، حيث مرر مكتب الارشاد الاخواني، مفهوم وقف العمليات العدوانية من الطرفين، وهو ما يشير إلى ان هذا الاتفاق كان الاخطر، والاكثر بؤسا وذلا حيث أجبر ميليشيات حركة حماس على حماية حدود إسرائيل، وقبلت حماس على أمل الوصول الى المشروع الصهيونى "الوطن البديل" الذى يتيح لهم إقامة إمارة إسلامية فتلقفت الاتفاق على انه انتصار، وقبل به الإخوان بنفس الروح المنتصرة التى جعلت مرسى يصدر عقب الهدنه بأيام إعلانه الدستورى الذى كان المسمار الأول فى نعش حكمه، فاعتقد انه نال الرضا والغطاء الأمريكى والترضية الإسرائيلية وحقق مكاسب عدة منها توسيع نطاق الحكم لما هو أبعد من مصر ليصل الى تونس عبر ليبيا ويلتحم بالجزائر ويتمدد الى السودان جنوبا والى الأردن شرقا، بالإضافة الى سداد الديون، الذى يوفر له دفعة اقتصادية تمكنه من الانجاز امام الشارع المصري.