ليس من السهل أن يبكي الرجال .. بل من الصعوبة بمكان أن تنحدر من عين الرجل دمعة .. تلك الدمعة غالية .. جد غالية ..عندما يزفر بها ( رجل ) فتتدحرج من عينيه .. ثقيلة .. كبيرة .. عندها يكون كل شيء قد تغير .. الحياة تغيرت .. الأمل فقد .. الرجاء غااار .. الأضواء تلاشت .. هل من السهل أن ترى رجلا يبكي كأخته أو ابنته؟. لا .. وألف لا .. إنما هي الإنسانية في أقصى صورها هي التي تتمثل في دمعة والهة ..
عندما تغدق على محتاج .. قد ألظه الزمان .. وطرده الحرمان .. وقتل نفسه ألف قتلة الألم .. فتنثر خيرك عليه .. وتطفئ نار قلبه .. عندها ... يعجز عن شكرك .. فلا يجد تعبيرا أكمل ولا أتم ولا أوفى من دمعة حارة .. يحدرها على خديه .. معلنة امتناناً وشكراً لا يقدران بثمن .. عندها تحس بلذة الفضيلة .. وفعل المعروف ..
دمعة ( الرجل ) .. تلك الدمعة التي باتت في طي الكتمان دهورا وعصورا .. ومكثت في عالم الغيب أعواما وأعواما .. ها هي تخرج إلى عالم الوجود .. لتعلن أسمى آيات العرفان بالجميل .. ما أقواها من دمعة .. ما أشد تعبيرها .. تلك الدمعة .. تعبر.. ولا بلاغة واصل .. وتتكلم .. ولا فصاحة سحبان .. وتنشد .. ولا إنشاد النابغة .. تغْني تلك الدمعة عن الخطب الطوال .. والمؤلفات الثقال .. هي دمعة .. ولكنها تساوي ألف صفحة .. هي دمعة ..ولكنها تعدل مثقال الدنيا كلمات .. وجمل وعبارات ..
الأحرار من يمسحها غير راجي العفو من رب رحيم
فهي والأحرار تستخرجها حمم تنذر بالشر العميم
وهي والأحرار تستخرجها لهب من لفحة النار الحميم