-ذكاء النساء

[حسام الدين محمد]

:تولى الحجاج ولاية العراق،في زمن الخليفةعبدالملك بن مروان، وقد عرف بشدة بطشه وسفكه للدماء،فرأى ذات يوم امرأة فأعجبته، فطلبها للزواج،فأخبر بأن اسمها هند،وأنها متزوجة من رجل اسمه روح بن زعبان،فطلقها منه، وقتل أخاها وأبنها، وأرغمها بالزواج منه،وعاشت معه وهى تكن له كل الكره،وطلبت منه الطلاق أكثرمن مرة ولكنه رفض وفي يوم من الأيام كان الحجاج في اجتماع مع حاشيته،فأرسل إليها رسولا لتقضي له بعض الحاجات،فقالت للرسول: بلغ مولاك الحجاج هذين البيتـين وأمام حاشيتـه :
وما هنـد إلا مــــــهرة عربيـة *** ســـــلا لة أفــراس تحللــها بـغـل
فإن أنجـبت فحــلا فا لله دره *** وإن أنجـأبت بغلا فقد جاء به البغل
فسمع الحجاج البيتين فغضب وطلقها، ورفعت القصة إلى الخليفة عبد الملك بن مــروان، فأعــجب بها و طــلبها للزواج، وأمر بإحضارها، فأرسلت إليه أنها تشترط أن تمتطى جملا و يجره الحجاج حاف القــدمين من العـراق إلى دمشـق مقر الخلافة،فقبل الخليفة وأمر الحجاج بتطبيق الأمر. وأثناء الرحلة رأت الحجاج قد أرهق وتقفعت قدماه ،فأرادت الاستهزاء منه فرمت دينارا– وهـويصنع من الذهب- وقالت يا حجاج قد ســقط مني درهما -- وهو يصنع من الفضة -- فابحث عنه، فبحث فوجد الدينار،قالت: بل سقط مني درهما، قال لم أجد إلا هذا الدينار، قالت: الحمد لله الذي وقـع مني درهما فوجدت دينارا .وفي هذا تعريض على أن قيمة الحجاج الذي كان زوجها لا تساوى الإ درهما،وأن قيمة الخليفة الذي طلبها للزواج بمثل قيمة الدينار .ولما وصلت إلى الخليفة قصت قصتها كاملة عليه فأشفق عليها الخليفة، وطلب منها أن تتمنى ما تشاء تعويضاعلى معاناتها، فطلبت منه أن ترجع إلى زوجها الأول روح بن زعبان، فلبى لها الخليفة رغــبتها وحــــضر لـــزواجهما ودفــع مهرها من مــاله الخاص مكافأة لها على فطنـــتها وذكائها