«مَن ترك الزواج مخافة الفقر فليس منّا ... مَن ترك الزواج مخافة العيلة فقد أساء الظن بالله».
لا سؤال وإشكال حول هذا الحديث، لأن المقصود بالذم هنا ليس العزوبة وترك الزواج من حيث هو، وإنما المقصود بالنفي من الإسلام والمسلمين هو الذي يترك الزواج يائساً من رحمة الله وأنه تعالى لا يكفي المتزوج ويُعينه! والقرآن الكريم يعلن بوضوح: (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليهم) النور: 32. (إنّه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) يوسف: 87. (ومَن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون) الحجر: 56.
ولكن هناك أحاديث تدل بظاهرها أن الزواج يدر الرزق! منها: «اتخذ والأهل فإنه أرزق لكم» وشكا رجل الحاجة إلى رسول الله (ص) فقال له: تزوج. وهنا سؤال يطرح نفسه وهو كيف يطلب من العاجز عن قوت نفسه أن ينفق على غيره؟ وأي عاقل ينشد الغنى من ذي فاقة والقوة من مستضعف واهن؟.ـ الجواب:
1 ـ إن سبل العيش وأبواب الرزق لا تحصى كثرة. ومن الجائز والقريب جداً أن الله سبحانه يُسَهّل بعض هذه السبل أو يبارك فيها للمتزوج دون الأعزب لحكمة أو لأخرى، وقد شاهدنا بالحس والعيان العديد من الذين تزوجوا فقراء فأغناهم الله من فضله.
2 ـ إن الأعزب يتحرك بحرية، ويتصرف في وقته وحياته كيف يشاء حيث في سبيل الأهل والعيال، وليس شك في أن السعي والعمل في الأرض من أسباب الرزق بنص القرآن (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه) الملك: 15. وفي الأمثال: مَن سعى رعى، ومَن نام رأى الأحلام.
3 ـ لقد حث النبيّ (ص) الأغنياء والفقراء على الزواج، وما خص الفقراء بالترغيب فيه، لأن السبب الموجب هو خوف الوقوع في الفتنة وانتشار الفساد في الأرض، قال، عليه وعلى آله أفضل الصلوات: «مَن كان ذا طول فليتزوج ... مَن استطاع منكم الباه فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومَن لا فليصم، فإن الصوم وجاء» والطول: الغني، والباه: الجنس، والوجاء: رضي الخصيتين للفحل حتى تزول فحولته.
وما من شك أن الزنا من أمهات الرذائل، وأخطر المخاطر على المجتمع، فهو يحول المرأة الزانية إلى جيفة ينهشها كل فاسق وآبق، ويحول الزاني إلى لص يستلب عفاف المرأة وشرفها، وهي أيضاً بدورها تستلب عقله وإرادته وكرامته. وفي الحديث: «لا زني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» لأن شرب الخمر صريع السكرات والزاني أسير الشهوات، فمن أين يأتي الدين والإيمان والعقل والوجدان؟ على أن البغاء أشد خطراً من الخمر ولأكثر فساداً. ولذا قال الرسول الأعظم (ص): زوجوا أهل الدين والأخلاق إن لا تفعلوا تتكن فتنة في الأرض وفساد وكبير وسبق الحديث.
وكم قرأنا وسمعنا عن قيام المومسات الجميلات بدور البوليس السري باسم السكرتيرات وما أشبه، وأيضاً قرأنا الكثير عن نفوذهن عند الحاكمين والمسؤولين، وهل من شيء أكثر شراً وضراً من أن تكون المومس هي الشافع والقائل المصدق عند أولي الأمر؟