حكايات و نوادر الأوّلين

[سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى~]

ذكاء قاضي

كان جمال الدين بن العديم قاضي حلب؛ عاملا عادلا خبيرا بالأحكام. وحدث أن مثل أمامه مدع على آخر مبلغا.. فلما أنكر المدعى عليه أخرج المدعي وثيقة فيها إقرار يقول: لقد تسلم منصور بن أبي جرادة فأنكر المدعى عليه الاسم المذكور في هذه الوثيقة (أبا جرادة) اسم أبيه. فقال له: القاضي ابن العديم: فما اسمك أنت قال: منصور. قال: وما اسم أبيك قال: هبة الله.

فسكت القاضي وتشاغل بالحديث مع من كان عنده حتى طال ذلك وكان جليس يقرأ عليه صحيح البخاري. ثم أن القاضي فاجأ الحضور وصاح: يا ابن أبي جرادة.. فأجابه المدعى عليه بتلقائية: مولاي فقال: حسنا ادفع لغريمك حقه أيها الرجل

.

حيلة شاعر

كان أبو دلامة شاعرا من أهل الفكاهة والمجون, فدخل يوما على أمير المؤمنين المهدي, فأنشده قصيدة من شعره فأعجب بها المهدي وقال له: ماذا تريد أن أهب لك جائزة ؟ قال أبو دلامة: هب لي كلب صيد!.

فغضب المهدي وقال: أأطلب إليك أن تستو هبني فلا تطلب إلا كلبا؟!

فقال أبو دلامة : الحاجة لي أم لك يا أمير المؤمنين؟

فقال الخليفة: أعطوه كلبا!
فقال أبو دلامة: فإذا خرجت للصيد مع كلبي, أأعدو على رجلى أم أركب؟!

قال الخلفية: أعطوه دابة يركبها!

قال أبو دلامة: فمن يسوس لي تلك الدابة؟!

قال المهدي: وأعطوه مع الدابة سائسا! قال أبو دلامة: فإذا عدت من رحلتي بصيد فمن يطبخه؟

قال الخلفية: وأعطوه جارية تخدمه وتهيئ له الطعام!.

قال أبو دلامة: وهؤلاء جميعا أين يبيتون؟

قال الخليفة: هبوا له دارا

قال أبو دلامة: لقد جعلتني بذلك يا مولاي صاحب دار وعيال, فمن أين لي أنفق على داري وعيالي هؤلاء؟

قال الخليفة: فاكتبوا له ضيعة عامرة وضيعة غامرة!.

قال أبو دلامة: ما العامرة؟ وما الغامرة؟

قال الخليفة: العامرة الخصبة المنزرعة, والغامرة الخراب التي لا تصلح للزرع

قال أبو دلامــة: فأنا أكتب لأمير المؤمنين ألف ضيعة, في صحراء العراق

فقال الخليفة ضاحكا: ما أظرف احتيالك يا أبا دلامة، اكتبوا له الضيعتين عامرتين.