أنا : سيدي القاضي ،أتيتك اليوم لأشكوا لك همِّي..
فيمن علمني الصدق في زمن الكذب..
فيمن علمني الأمانة في زمن الخيانة..
القاضي : أرى شموعكَ قد انطفأت يا فتى.
ولكن، السماء مازال فيها شعاع.. ألا ترى ؟
أنا : يا سيدي..
أنا اليوم أشكوا مِن كل شمعة أوهمتني بأنها احترقت لتضيء لي دربي..
من كل رجل كان لي أبًا بعد أبي..
من كل أمٍ أوهمتني أنها أمي..
القاضي : ويحك يا فتى..
أهذا جزاء الإحسان..
أن يقابل بالنكران..؟؟
أنا : لقد كذبو علي لما أوهموني أنني استطيع أن أحلم..
قالوا لي تخيَّل أمامك فتاة أحلام..
وعِش في مدينتها..
واقطف من أزهارها ورياحينها..
واستنشق نفسها..
وضُمها بشوق..
فإن حلمك سيتحقق ولن تكون لسواك..
ما أجرأهم وهم يمتهنون الكذب يا سيدي..
القاضي : وأين الخطأ فيما علَّموُك يا صغيري..؟؟
هذا هو حال الحياة وهكذا هي الأحلام نتخيلها لنحققها..
أنا : قد استيقظت من وهم فتاة الأحلام..
لأجدها في الحقيقة سارقة للأحلام..
لقد اخترقتني بدون مقدمات..
جمعت كل ممتلكاتي..
ورحلت..
أخذت معها الذكريات..
أخذت معها شهيتي للحياة..
أخذت معها الأشهر والأيام والساعات..
وحرمتني حتى من بعض أجمل اللحظات..
تركتني هكذا...
مدينة مهجورة..
سماءها ملبدة بالأحزان..
من حين لآخر تمطرنا بدموع الندم..
في كل أرجاءها بنايات من عدم..
طرقاتها يأس معبدة بالشجن..
تحت كل شجرة فيها تسمع أنين محتضر..
أتذكر أنها لما رحلت..
قالت لي انك ستنساني..
ستمزق أوراقك وأوراقي..
وتهب عليك رياح تنسيك أشواقي..
وفي لحظة غضب ستحطم كل أصنامي..
وسأترك لك الأيام فهي ستنسيك حتى عنواني..
فتصبح تسمع اسمي ولا تبالي..
هكذا أوهمتني السارقة..
لكن أًّيا من هذا لم يتحقق..
تركتني انزف وانزف..
وبعد أن انزف..انزف..
سيدي : قوانينكم تعاقب سارق المال والعقار..
فلما تستثنون منها سارق وسارقة الأحلام..
وكل من علمنا وأوهمنا بالأحلام..؟؟
أليست حياتنا أغلى من المال والعقار..؟؟
أليس من الأجدر معاقبتهم بأشد من الإعدام..
سيدي : لا تأخذ بكلامي فهو الآخر جزء من الأحلام..
القاضي : الحكم سينطق بعد المداولات..
بقلم أخوكم : sds
تحياتي للجميع..
سلااام.