السّلام عليكم؛
قد قرأتُ هذه المُداخلة وما كُنتُ أريدُ نقداً لحكمةٍ يعلَمُها للهِ؛ إذ هي من سهو الكلام، وقد قيلت غيرةً على الدِّين من صاحِبِها، أما والآن وقد أصبحت محلّ الكلام؛ فالحِكمةُ تقتضي منّي أن أردّ بما علّمني ربّي.
خلق للهُ الإنسانَ وأصبغ عليه كرامتين عامّةٌ وخاصّةٌ؛ فأمّا العامّةُ فيشترِكُ فيها بنو آدم؛ على اختلافِ مشارِبهم، قال تعالى :" وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً " وهذه الكرامةٌ ثابتةٌ إلاّ لمن أراد للهُ نزعها منهُ؛ فلا يُسألُ عمّا يفعلُ؛ فأصحاب السبت؛ فللهُ سمّاهم كذلك، وإن كنّا نعلمُ حقيقَتهم؛ فالنتعلّم من القرآن حسنَ الكلامِ وحكمتَهُ؛ فهؤلاءِ مُسِخوا وإن كانت أصابتهم بركةُ الكرامةِ العامّةِ قبلُ، إذ كانوا في الأصلابِ على عهدِ نوحٍ عليهِ السّلامُ؛ أمّا اليوم فاليهودَ والنّصارى وغيرُهم؛ فالكرامةُ العامّةُ ثابتةٌ فيهم؛ ولا ينزِعُها إلاّ خالِقُها. انظرو إلى النبيّ عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ؛ للّذي وقف لجنازة اليهوديّ إكراماً للإنسانِ.
أمّا الكرامةُ الخاصّةُ فهي لمن اتّبع هُدى للهِ، قال تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ " فهذا هو التفضيلُ (أَكْرَمَكُمْ ) على الكرامةِ العامّةِ ؛ وهو ليس بمنٍّ منّا، بل بفضل من للهِ؛ فعلينا أن نتواضع ولا ننظُر إلى الخلقِ بعين التكبُّر، بل بالرّحمةِ؛ عسى أن يهتدوا، ولنعلم أنّ النّاس ليسوا سواسية؛ لذا نجدُ القرآن يُعلِّمُنا فيقولُ :" إلاّ قليلاً ..."
أختمُ فأقولَ تسليةً؛ من أراد الكرامةَ الخاصّةَ فعليهِ بالإستقامةِ؛ فللهُ أكرم الرّسولَ عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ؛ بالإسراء والمعراج وما كان فيهما من الآياتِ؛ إذ هو أكملُ الخلقِ، عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ؛ تقوًى للهِ. و للهُ أعلمُ.
أشكُرُ الأخ المُهاجرِإلى للهِ على حُسن ردِّه على الأخ مارياج؛ فالإختلاف رحمة؛ والحوارُ قوة.
عفواً على الإطالةِ.
السّلام عليكم.