السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا و نبينا رسول الله صلى الله عليه و على آله وسلم ،
وبعد ..
ما ألطف الحديث عن كتاب الله العزيز الحكيم ، وما أعذبه على النفس ، وكم ترتاح لقراءته العيون ، وتطرب لسماعه الآذان ، كيف لا وهو يُخرج لآلئ الكَلِم ، وحلو المنطق ، وعذب الحروف ، وعسل النغم.
الكلام في وصف كلام ربنا ومولنا جلَّ في علاه - رغم انه لن يصل الى بلوغ عظمته مهما كانت جزالة اللفظ ، و حبكة الكلام .
كثيراً ما نقرأ أو تمر بنا كلمات جميلة قالها العلماء واالمفسرون و الكتاب عن القرآن العظيم، و كنت اسجل منها في جهازي ، فهذه مشاركة في هذا الموضوع وأرجو من كل أخ فاضل أو أخت فاضلة أن يشاركوني في هذا الموضوع ، نفعنا الله ونفعنا بما سُطِّر ، إنه سبحانه خير مسؤول .
إن كتاب ربنا قد حوى علماً لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى ، ولكنَّ الهمم تقاصرتْ في النيل والاستزادة من مَنْهل أحكامه وفوائده ، كيف لا والحق سبحانه يقول : {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ }[ النحل : 89 ]
و كذلك قول منزله سبحانه: (( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم و يبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم أجرا كبيرا ))
و قول من أنزل عليه - صلى الله عليه وسلم - ( اقرؤا القرآن , فإنه يجيء يوم القيامة شفيعا لأصحابه )
فكتاب ربنا مُلئ علماً وحِكَماً ، ونفائس عالية ، وجواهر كثيرة غالية ، ومما سجلته مما أودعتُه بعض المصنفات لعلمائنا رحمهم الله و جحزاهم الفله عنا خير الجزاء :
ومن جميل ما قيل في القرآن كلام أبي بكر الصديق رضي الله عنه يوم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث اشتملت خطبته على هذا النص الذي فيه : (وإن كتاب الله بين أظهرنا وهو النور والشفاء وبه هدى الله محمدا صلى الله عليه وسلم وفيه حلال الله وحرامه) كنز العمال1/407
_ وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : " القرآنُ حمَّالٌ ذو وجوه " السيوطي في الإتقان ( 1/410 ) وقال ابن الأثير : أي ذو معانٍ مختلفة .
_ وقال أبو الدرداء رضي الله عنه : " لا تفقه كلَّ الفقه ؛ حتى ترى القرآن وجوهاً "
قال أبو منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي ( ت : 429 هـ ):
( القرآن هو النور المبين ، والحق المستبين ، حبل الله الممدود وعهده المعهود ، وظِلّه العميم ، وصراطه المستقيم ، وحجته الكبرى ، ومحجته الوسطى ، هو الضياء الساطع ، والبرهان القاطع ، هو الواضح سبيله ، الراشد دليله ، الذي من استضاء بمصابيحه أبصر ونجا ، ومن أعرض عنها زلّ وهوى ، فضائل القرآن لا تستقصى في ألف قران ، حجة الله وعهده ، ووعيده ووعده ، يتبين تبيانه من استغلقت دونه المعضلات ، ويستضيء بمصابيحه من غُمَّ عليه في المشكلات ). [ لباب الآداب : 174 ] .
وقال السيوطي رحمه الله : " وإن كتابنا القرآن لهو مفجر العلوم ومنبعها، ودائرة شمسها ومطلعها، أودع فيه سبحانه وتعالى علم كل شيء، وأبان فيه كل هدْيٍ وغي. فترى كل ذي فن منه يستمد وعليه يعتمد ". [ الإتقان : 1 / 39].
قال الشاطبي رحمه الله في الموافقات :
" إن كتاب الله قد تقرر أن كلية الشريعة، وعمدة الملة، وينبوع الحكمة، وآية الرسالة، ونور الأبصار والبصائر، وأنه لا طريق إلى الله سواه، ولا نجاة بغيره، ولا تمسك بشيء يخالفه. وهذا لا يحتاج إلى تقرير واستدلال عليه؛ لأنه معلوم من دين الأمة. وإذا كان كذلك لزم ضرورة لمن رام الاطلاع على كليات الشريعة وطمع في إدراك مقاصدها، واللحاق بأهلها، أن يتخذه سميره وأنيسه، وأن يجعله جليسه على مر الأيام والليالي، نظراً وعملاً، لا اقتصاراً على أحدهما، فيوشك أن يفوز بالبغية، وأن يظفر بالطلبة، ويجد نفسه من السابقين وفي الرعيل الأول. فإن كان قادراً على ذلك ولا يقدر عليه إلا من زاول ما يعينه على ذلك من السنة المبينة للكتاب وإلا فكلام الأئمة السابقين والسلف المتقدمين آخذ بيده في هذا المقصد الشريف، والمرتبة المنيفة..". [ الموافقات : 3/257.]
قال الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني في وصف القرآن :
فإذا هو محكم السبك ، متين الأسلوب ، قويُّ الاتصال ، آخذٌ بعضه برقاب بعض في سوره وآياته وجمله ، يجري دمُ الإعجاز فيه كله من ألفه إلى يائه كأنه سبيكة واحدة ، ولا يكاد يوجد بين أجزائه تفكك ولا تخاذل كأنه حلقة مُفرغة ! وكأنه شِمْطٌ وحيد وعقد فريد يأخذ بالأبصار ، نُظِّمت حروفه وكلماته ن ونُسِّقت جمله وآياته ن وجاء آخره مساوِقاً لأوله وبد أوله مواتياً لآخره . ( 1 / 63 ).
ويقول رحمه الله فيه أيضاً:
محكم الاتصال والترابط ، متين النسج والسرد ، متآلف البدايات والنهايات ، مع خضوعه في التأليف لعوامل خارجة عن مقدور البشر .
وقال أيضاً :
كتاب فاق الكتب ، وكلام بزَّ سائر ضروب الكلام ، وبلغ في سموه وتفوقه حدود الإعجاز والإفحام ، من ناحية الفصاحة والبلاغة وما يحمل لها من أسرار ....(1 / 84 )
وقال أيضاً :
فالقرآن يمتاز بمسحة بلاغية خاصة ، وطابع بياني فريد ، لا يترك باباً لأن يلتبس بغيره أو يشتبه بسواه ، ولا يُعطي الفرصة لأحد أن يعارضه أو يحوم حول حماه ، بل من خاصمه خُصِم ، ومن عارضه قُصِم ، ومن حاربه هُزِم....( 1 / 89 ) .