تقدم مواطن من مصالح الدرك الوطني يشتكي من جار له هدده بالقتل، والجار هذا معروف بطيشه وجبروته وحقده على الكثير من سكان الحي، فردت عليه فرقة الدرك بأنها لا تتحرك إلا بناء على تسخيرة من وكيل الجمهورية، وأن وكيل الجمهورية لا يعطي هذا الأمر إلا بعد حدوث فعل الاعتداء.
لم يجد هذا المواطن غير الاستنجاد ببعض أقاربه، ووقعت معركة مع ذلك المتجبر الذي استعان هو الآخر بأبنائه، وحينها تدخلت فرقة الدرك بعد جرح البعض واقتياد البعض الآخر إلى السجن.
الأمثلة عن هذا الموضوع كثيرة، وهي تنشر يوميا على صفحات الجرائد.
الخطير في هذا الموضوع هو أن ظاهرة اللاأمن والخوف العام الذي يعيشه المواطن أصبحت تأخذ أبعادا مقلقة وتتسع دائرتها ويصعب القضاء عليها، إن لم نقل السيطرة عليها، وتعود أسبابها في تصورنا إلى ظاهرة اللاعقاب وعدم متابعة الجناة على أفعالهم المخلة براحة المواطن في أماكن تواجده من مكان العمل إلى الشارع إلى بيته، حتى استوى بذلك المجرم بالمحسن، ولم يعد لقوانين الردع لا احترام ولا خوف.
إذن، ابتعادنا عن العقاب العادل ومتابعة المجرمين سيزيدهم قوة وعددا، وسيدفع ذلك بالكثير من الناس ضحايا أعمال هؤلاء إلى القصاص بأنفسهم، وهو ما بدأ ينتشر في العديد من مناطق الوطن.
والظاهرة إن لم تسارع الدولة بمختلف هياكلها ومؤسساتها إلى احتوائها ستؤدي إلى زعزعة كيان المجتمع ثم تنفلت الأمور وتصل إلى ما لا يحمد عقباه.