التقيت أجدادي ..فقالوا..... وقلت.......

[جمال الدين الأفغاني]

هذه الأفكار تجول في خاطري منذ مدة فأتخيل لو أنه يمكنني الالتقاء بمن ماتوا قبلنا ...طبعا أجدادانا الذين أوصلوا الدين لنا..... واللغة .....والعزة .....والشرف.....فماذا عساني أخبرهم بحالنا بعد أن باعوا الغالي والنفيس ليحفظوا ألأمانة ويوصلوها لنا كما هي دون نقص أو تحريف فتخيلت الحوار سيكون كالتالي هم يقولوا وبدوري أقول :

قالوا: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
قلت : وعليكم السلام.

قالوا:أكمل يا جمال أكمل رد التحية حتى يكتمل لك الأجر فهكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نرد التحية بأحسن منها حتى يكتمل الأجر .
فقلت: عذرا أجدادي ولكني هكذا تعلمت الرد على تحية السلام منذ صغري وهكذا يقولها الجميع ويردون السلام أحيانا وأحيانا يا أجدادي لا ترد تحية السلام بتاتا .

قالوا: ماذا ؟؟ وتعصون أمر الله برد التحية بمثلها أو أحسن منها .
فقلت : أجدادي هذا واقع حالنا اليوم فما عسانا نفعل ؟؟؟.

فقالوا: حسنا حدثنا يا جمال الدين عن أحوالكم في الدنيا نرجوا أن تكونوا على الامانة محافظين كما حافظنا عليها نحن بدمائنا وجهادنا لتصل اليكم ثم بعدها توصلوها بدوركم لمن يأتي بعدكم .
قلت: والعرق يتصبب من جبيني من هذا السؤال فمن أين أبدأ بوصف حالنا وكلنا يعلم الواقع الأليم....لا لا يا أجدادي لا تقلقوا فالكل بخير والكل يجري ليحصل رغيف خبزه ويعيش عياله ولا يهم كيف وأين ومتى ؟؟؟ ....

فقالوا: ما عن هذا نسألك يا جمال الدين فالدنيا قد قدرها الله تقديرا بكل ما فيها ولن ينقص رزق أحد عن ما قدره الله له فمن يرزق الطير في السماء والحوت في الماء قادر على أن يرزق سواهما مما خلق ...ولكن نسألك عن حياتكم اليومية محافظتكم على الصلاة والزكاة وباقي أركان الاسلام عن هذا نسأل يا جمال الدين ؟؟؟؟.
فقلت : يا أجدادي والله لقد سألتم عسير.....فلا أدري ما أقول ....

قالوا: قل الحقيقة احكي لنا ما يحصل فقد كدرت صفونا بعدم اجابتك سؤالنا فهل حدث أمر خطير لا سمح الله ...
فقلت: حسن لن أقول لكم غير الحقيقة ....فالحقيقة ....الحقيقة .....الحقيقة هي أن الناس في وقتنا هذا نسوا الله وهجروا قرآنه ونسوا رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وهجروا سنته ونسوا سير الصحابة وهجروا تتبع خطواتهم ونسوا ما خلقوا لأجله وهجروا التناصح والتآلف لدين الله ونسوا ....

فقالوا: توقف ...حسبك ....يا جمال إن نسوا ما ذكرت فماذا يتذكرون إذا ؟؟؟؟
فقلت : الحقيقة .....الحقيقة ....الحقيقة هي أن الناس في وقتنا هذا يتذكرون ما يوسوس الشيطان لهم ويقبلون على أوامره ويتذكرون أقوال المبطلين ويقبلون على مآثرهم ويتذكرون سير المفسدين في الأرض ويتتبعون خطواتهم ..

فقالوا: آآآآآه يا جمال ليتنا لم نسمع هذا الكلام ....فماذا بفي لهم بعد كل هذا فليموتوا أحسن لهم من هكذا حياة ....ولكن اسمع جيدا يا جمال ...مهما كان الواقع مر وحياة البشر بعيدة عن ما يرضي الله في نظرك عليك أن تعلم جيدا أنه لن تنطفأ شمعة الايمان ولابد أن يبقى ولو بصيص ضئيل منها يحاكي همسات الظلام فابحث جيدا في وسط الظلام وستجد هذه الشعلة يا جمال .....
وانسحب الأجداد في سكون وحسرة على واقع أمتهم وهم يرددون ابحث جيدا يا جمال ابحث ....ابحث .....