السلام عليكم ورحمة الله
كثيرا ما كنا نسمع أن أكل السمك مع شرب اللبن ضار بالصحة, وقد حُذرنا أيّما تحذير من طرف الوالدين في الصغر من شرب اللبن ثم أكل السمك أوالعكس.
فقد كان يُعتقد أن هذا حديثا نبويا شريفا أو أثرا طبيا من حكيم.
لكن بعد الاطلاع وُجد أن النحويين يمثلون بهاته الجملة لبيان حكم إعرابي بقول :
لا تأكل السمك وتشرب اللبن .
ويعنون بها تغير معنى الجملة، بتغير الحركة الإعرابية .
قال العلامة ابن هشام ـــ رحمه الله ورضي عنه ـــــ في شرح قطر الندى وبل الصدى ص 117 مع حاشية السجاعي :
وتقول :"لا تأكل السمك وتشرب اللبن ". فتنصب " تشرب " إذا قصدت النهي عن الجمع بينهما ، وتجزم إذا قصدت النهي عن كل واحد منهما ، أي لا تأكل السمك ولا تشرب اللبن ، وترفع إذا نهيت عن الأول وأبحت الثاني ، أي لا تأكل السمك ولك شرب اللبن . اهـــ.
فيكون النصب بتقدير أن المضمرة وجوبا بعد واو المعية ، ويكون الجزم على العطف ، ويكون الرفع على الإستئناف .
ثم جلا لي حقيقة الأمر ما حكاه العلامة بكر بن عبد الله أبوزيد - رحمه الله تعالى - في كتابه التعالم ص 124 :
ومن وجه آخر أن النحاة أوردوا قولهم ( لا تأكل السمك وتشرب اللبن ) لبيان حكم إعرابي ، فانتقلت هذه الجملة إلى حقيقة معناها ، كأنه حديث صحيح ، أو رسم طبيب ، فكم تحامى الجمع بينهما من أجيال .اهــ.
وقد رأيناهما يقدمان على موائد المترفين ، والمهتمين في هذه الحياة برعاية أبدانهم ، ومن الأطباء من ينصح بالجمع بينهما . والله أعلم اهــ.