ألف حكاية وحكاية مع فارس الجزائري - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات عامة للترفيه و التسلية > منتدى النكت و الأخبار الطريفة

منتدى النكت و الأخبار الطريفة نكت و طرائف... للترفيه عن النفس

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

ألف حكاية وحكاية مع فارس الجزائري

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-07-18, 02:33   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
فارس الجزائري
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية فارس الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المركز الثالث في مسابقة التميز في رمضان وسام مسابقة منتدى الأسرة و المجتمع وسام القلم المميّز 
إحصائية العضو










Hourse

القصة رقم 76

عيون أحمد بن طولون
حدّث أحمد بن محمد الكاتب، وكان من عقلاء الناس وفهمائهم، وكان فيه دين وخير كثير، قال:
أتاني رسول أحمد بن طولون وقد مضى من الليل أكثَرُه، وأنا نائم في فراشي، فقرع الباب قرعاً عنيفاً. فأشرفَتْ عليهم عيالي، فإذا جماعة من الغلمان بالشمع والمشاعل. فراعهم ذلك، وعرّفوني، فعلمت أنه لم يستدع حضوري في ذلك الوقت لخير. وأيست من الحياة، فدخلتُ المستراح(1) وتطهرّت وتطيّبت طِيب من يفارق الدنيا، ولبست ثياباً نظافاً. وودّعت أهلي وقد كثر بكاؤهم وضجيجهم، ونزلت فركبت معهم، فمضوا بي حتى دخلت إلى أحمد بن طولون.
ورأيت قاعة الدار كلها شمعاً يتّقد، حتى خِلتُ أنه نهار. وسِرت فيها حتى بلغت المجلس الذي هو فيه، وبين يديه شمعتان عظيمتان، في كل واحدة منها قنطار.
فسلَّمت وأنا اُرعَدُ خوفاً، فردّ عليّ السلام. فسكن بذلك بعض رَوْعي. واستدناني فدنوت، فقال لي:
أنت غداً في دعوة فلان، ومعك في الدعوة فلان وفلان ...
إلى أن أسمى لي جميع من كان وقع الاتفاق على حضوره.
فقلت: نعم، أيّد الله الأمير.
فقال لي:
امض، واحذر أن يفوتَك شيء مما يجري حتى تنصرف به إليّ تُعَرِّفنيه.
فقلت: السمع والطاعة لأمر الأمير.
وانصرفتُ وقد حِرْتُ في أمري. وقلت:
أَبَعْدَ هذه السن أركب الآثام، وأسعى بقوم بيني وبينهم مودّة وعِشرة واُخوة، وأكون السبب في قتلهم؟! إنّا لله وإنّا إليه راجعون!
وتأملت الحال، فإذا بي إن خالفتُ أمرَه قتلني، وَأَيْتَمْتُ ولدي وأَرْملتُ زوجي. ويعلم الله أني صابر على ضيق الحال تجنُّباً للدخول فيما فيه المأثم. ثم فكّرتُ في وقوفه على الدعوة ومعرفة من يحضرها، فازداد خوفي منه، وحيرتي في أمري. وعدتُ إلى منزلي وقد يئس أهلي مني. فلما رأوني حمدوا الله، وتباشروا، ورأوني وكأنما رجعت إليهم من الآخرة.
فلما أصبحتُ وتعالى النهار، حضرت الجماعة التي أسماها لي أحمد ابن طولون. وكنت قد أخذت معي قلماً أكتب فيه كل ما يجري. وأظهرتُ أن بي عسر البول، فكنت كلما سمعت شيئاً يجب أن أثبته، أريهم أني أقوم إلى المستراح، فإذا حصلتُ فيه كتبت كل ما جرى. ولم يكن للقوم مذ وقت حضورهم إلى وقت انصرافهم حديث إلا ذكر ابن طولون بكل قبيحة، والدعاء عليه. كل ذلك لأَمن بعضهم من بعض، والثقة بهم، ولما في قلب كل واحد منهم من ابن طولون. فلم أزل أكتب كل ما يقوله واحد واحد، وفي قلبي من ذلك ما قد علمه الله، إلى بعد العَتَمَة.
وانصرفت الجماعة، وكنت أنا آخر من انصرف. فجئت من توِّي إلى أحمد بن طولون كما أمرني. فأُدخلت إليه فأصبتُه على تلك الحال، وهو كالمنتظر لي. قال لي:
الساعة انصرفت؟
قلت: نعم أيها الأمير. أنا آخر من انصرف.
قال: أحسنت. هات ما معك.
فدفعتُ الأوراق إليه فقرأها. فلما استوفى قراءتها قال لي:
بارك الله عليك. خُذ ما تحت المُصَلَّى.
فمددتُ يدي وأنا أُرْعَد وأُقَدِّر أنها أفعى قد أعدَّها لي تضرب يدي فتأتي على نفسي. فأصبت رقعة، فقال لي: اقرأها.
فقرأتها، فإذا فيها جميع ما كتبته، وإذا به قد استظهر عليَّ بأن جعل معي واحداً من القوم الذين كانوا معنا في الدعوة لا أعرفه، ليعرف أيّنا أصدق فيما يرويه. فكانت نسختنا واحدة. فحمدت الله جلّ اسمه إذ لم أَدَعْ شيئًا قلَّ ولا جلّ حتى كتبته، ولو تركتُ شيئاً لا ستحلّ قتلي.
فلما قرأتها قال: دعها وامضِ مُصاحَباً.
وأمر لي بألف دينار، فأخذتها وانصرفت، وليس لي فكر إلا في أصدقائي وما أتخوّفه عليهم.
فلما كان من غدٍ ركبت إلى صديقي صاحب الدعوة لأعرف خبره.
فلما صرت إلى السكة التي يسكن فيها، لم أر للدار التي كان فيها أثراً، ورأيت موضعَها رَحْبةً مكنوسة واسعة لم أرها قط.
فتحيّرت، ووقفت أتأمل الموضع. فرآني بعض شيوخ الناحية، فقال لي:
أراك متحيّراً.
قلت له:
نعم، أعزّك الله. أنا أطلب دار صديق وما أراها.
فقدّمني ناحية وخلابي، وقال:
امضِ يا حبيبي في حفظ الله. فرحم الله صديقك، كان حسن المجاورة لنا، وقاضياًَ لحوائجنا وحقوقنا.
فقلت له:
عرِّفني ما وقفتَ عليه.
قال:
سُعِي به إلى أحمد بن طولون وبجماعة كانوا عنده البارحة في دعوة.
فلما كان في أول الليل وافى إلى ها هنا أكثر من خمسمائة رجل، فهدموا الدار بأسرها، وأغرقوا صاحبها والجماعة الذين كانوا عنده، وصادروا أموالهم. فاذهب في حفظ الله.
فزاد غمّي وعظمت مصيبتي. وما انتفعت بنفسي بعدهم.
ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) المستراح: بيت الخلاء.












رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 15:50

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc