المعلم لم يعد مبجلا ولارسولا !
قلعة فكرية تتراجع بعد أن هدم جدار الرهبة بين التلميذ والأستاذ قابله استهتار بمهنة المربي والمعلم. هومن أعطانا تأشيرة سفر للمستقبل لينير طريقنا بالعلم والمعرفة. سنين العطاء لمهنة التدريس، ومعاناة واجهته لصعوبتها، رغم ذلك رسم لنا رؤيا في حقل اشراقات المستقبل، قابلها انسداد في مجاري العملية التربوية، مع هيبة مفقودة، وحلول غائبة.
استغنينا عن الألعاب والدمى وتقدمنا لحجز مقاعد الدراسة لمجابهة الأمية والتخلف، فوجدنا شخصية تستقبلنا بابتسامة وحضور فيه رهبة، فكان السند والصدر الرحب "المعلم..المربي..القائد التربوي" صاحب الخزان الوفير من المعلومات الذي لا يبخل على أحد في معلوماته القيمة. هذه الثقة دمرتها في ثواني أيادي المتمردين.
أمير الشعراء "أحمد شوقي" رفع هذه الشخصية لإلى مرتبة الرسل حين قال:
قم للمعلم وفّه التبجيلا كادالمعلم أن يكون رسولا
من المتسبب الرئيس في انخفاض صلاحية المعلم، وتفشي ظاهرة العنف؟ هل الإحصاءات التي تحصدها الجزائر في المدارس التعليمية تدلي بصفات طالب العلم ؟ وما الدافع لتدني درجة هيبة المعلمين؟
تبنت المدرسة مؤخرا سلوكات غريبة ودخيلة مواكبة لعصر الانفتاح وتطور وسائل الإعلام ولدتها سلوكات طائشة في حق المعلم الذي أصبح ضحية لاعتداءات من طلابه.
عندما يتعاون التلميذ ووليه على العدوان
نتيجة هذه الاعمال الطائشة والإجرامية في حق المعلم بات يتنقل في أقسام العدالة.
حيث تشهد العاصمة انتشارا سريعا لهذه الظاهرة في المؤسسات التعليمية، ففي مدرسة الشيخ بوعمامة بالعاصمة تعرض أستاذ مادة الفيزياء في الـ 33 من عمره إلى اعتداء بلكمة على مستوى الوجه من قبل ولي أمر إحدى تلميذات المدرسة لعدم رضاه عن العلامة التي منحها الأستاذ لابنته وقال على حسب ما ذكرته وسائل الإعلام"أنت لست بمدرس وطريقة تدريسك لا تعجبني" حينها تدخل مدير المدرسة والأساتذة لإبعاد الرجل الغاضب من القاعة بعدها نقل الأستاذ إلى المستشفى وإلى السلطات المعنية لتقديم شكوى في حق المعتدي.
في احدى بلديات العاصمة س.ب. أستاذة في الطور المتوسط أعطت للمهنة حوالي 22سنة من عمرها قدمت فيها خدمة جليلة للأمة، ومن خلال تأديتها لمهامها تعرضت فيها لصفعة قوية جراء شتمها لتلميذ الذي لم يقم بواجبه المدرسي .جعلتها تطالب بالتقاعد المسبق تضيف "للحقائق".
'القوانين جاءت لصالح الطالب لا لصالح المعلم'و'أن التلميذ الذي يتطاول على والديه ما المانع لديه ليتطاول على معلمه'؟
أستاذ التعليم الثانوي.ك.م. تعرض للضرب المبرح من قبل التلميذ انتقاما منه لتوجيهه للمجلس التأديبي، الذي صاحبه رسوب مدرسي، يقول: أنها لحظات تهين المربي في الوسط المدرسي،وأن الدور المنوط بالمعلم في الحياة التعليمية هي أولا التعليم،التدريس ،المدرسة ،المهنية،الاجتماعية ،خدمة لمصلحة المنظومة التربوية ،إذ تعد رسالة التعليم من أقدس الرسائل تخفي داخلها قواعد وأخلاقيات مهنة نبيلة.
وطالب بقانون يحمي المربي من هذه السلوكات العنيفة لإعلاء مكانته وترسيخ القيم والأخلاق الرفيعة.
المشكل الاجتماعي السبب الرئيس في العنف
كشف السيد" الحاج دلالو" رئيس فدرالية أولياء التلاميذ في هذا الموضوع أن تنظيمه قد اتخذ مواقف واضحة ضد العنف سواء كان جسديا أولفظيا،على الأستاذ والتلميذ.
وذكر باللقاء الذي جمع كل من وزير التربية الوطنية عبد اللطيف بابا أحمد ورؤساء الفدرالية وإطارات ووزاراء في 5جانفي الفارط، وتم التطرق خلاله إلى مختلف الجوانب التي ادت إلى إستفحال ظاهرة العنف والاعتداء على الأستاذ، والذي اكد ضرورة تضافر جهود الجميع من أجل محاربة العنف في الحرم المدرسي أوحتى في المؤسسة التعليمية، مع التنديد بالظاهرة باعتبارها تسيء إلى وضعية الكل.
وأضاف نسعى بالتنسيق مع وزارة التربية الوطنية وجمعية أولياء التلاميذ لوضع برنامج وطني من أجل مكافحة العنف بشتى أنواعه تفاديا لأي أضرار تلحق بالأستاذ والتلميذ.
ويرى أن من أهم الأسباب التي تؤدي إلى انتشار العنف داخل الحرم المدرسي المشاكل الاجتماعية في العائلة وبالتالي تنجم ردود أفعال من طرف لآخر،لذلك يقول طالبنا
بوضع أخصائيين نفسانيين ليتدخلوا في مثل هذه المواقف.
أما بالنسبة للعقوبات الحالية فنسلط عليها الضوء من خلال مجلس التأديب المتكون من أساتذة وجمعية أولياء التلاميذ. مع ضرورة توعية الأولياء والتكفل بالأولاد (تصرفاتهم داخل العائلة والمحيط) خاصة مع انتشار الظواهر الاجتماعية بشكل واسع وملفت، فالمدرسة وحدها لا تستطيع معالجة كل المشاكل فالمسؤولية مسؤولية الجميع.
القانون لايحمي المعلم !
أما السيد"مسعود عمراوي"المكلف بالإعلام في الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين فأكد أن الظاهرة انتشرت بشكل مذهل وسريع في السنوات الأخيرة، وهي دخيلة على المجتمع الجزائري. ويرجع ذلك حسبه إلى عدة أسباب منها أن الأسرة تخلت عن دورها التربوي الريادي ولم تعد تسأل عن ابنائها.
ويضيف في هذا السياق، أنه منذ أن حذفت المادة 22 الفقرة 4 من المرسوم 04/08 المؤرخ في 30/01/2010المتعلق بالقانون التوجيهي للتربية الوطنية ألغى الحماية القانونية التي يتمتع بها الموظف في القانون المدني الجزائري الصادر سنة 1975 وبذلك فالقانون التوجيهي أضر بموظفي القطاع لأن أي خطأ مهني يرتكبه يتحمل مسؤوليته أمام العدالة. هذا ما جعل الأولياء يتعاملون مع الأستاذ كأنه إنسان غريب، عدوللتلميذ، مما جعل الأولياء يجرون الأساتذة إلى العدالة، وهذا ما كسر الحاجز بين الأستاذ والتلميذ إذ لاحظنا حالات عنف كثيرة. ويشير إلى أن المتسبب الثاني في القضية الإعلام الذي لا يؤدي دوره، فلا بد أن تفتح مجالات للحوار والتواصل من أجل معالجة الظاهرة، وأن لايقتصر دور وسائل الإعلام وجمعيات أولياء التلاميذ والفدراليات على الدخول المدرسي. وطالب بالتعاون بين الأسرة والمدرسة والإعلام للحد من تفاقم الاعتداءات الوحشية بشتى أنواعها خاصة على الأستاذ.
الاستفزازات تعطل السير الحسن للعملية التربوية وترهق العلاقة المتبادلة بين الطرفين،وتبقى دائما تحمل معادلة ذات مجهولين تنتظر حلولا مستقبلية معززة ثقة المعلم بمهنيته واحترامه وتبجيله، ورد جميله بأحسن مكافأة يتلقاها في مسيرته التعليمية تعزيزا لمكانته.
إ