بارك الله فيك اختي الفاضلة
وسلمت أناملك بما نقلت من فوائد
***********
قال شيخ الإسلام أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن تيمية المتوفى سنة 728هـ رحمه الله تعالى رحمة
واسعة في كتابه أقتضاء الصراط المستقيم عندما تكلم عن قوله تعالى { فاستمتعم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا } :
... ثم قال سبحانه :
﴿ فاستمتعم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا ﴾ 69 التوبة
... وجمع سبحانه بين الإستمتاع بالخلاق ، وبين الخوض ، لأن فساد الدين :
إما أن يقع بالإعتقاد الباطل ، والتكلم به ، أو يقع في العمل بخلاف الإعتقاد الحق .
والأول
هو البدع ونحوها
والثاني
فسق الأعمال ونحوها
والأول
من جهة الشبهات
والثاني
من جهة الشهوات .
ولهذا كان السلف يقولون :
احذروا من الناس صنفين : صاحب هوى قد فتنه هواه ،
وصاحب دنيا أعمته دنياه .
وكانوا يقولون :
احذروا فتنة العالم الفاجر ، والعابد الجاهل ، فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون .
فهذا يشبه المغضوب عليهم ، الذين يعلمون الحق ولا يتبعونه ، وهذا يشبه الضالين الذين يعملون بغير علم .
ووصف بعضهم أحمد بن حنبل فقـــــــــــال:
( رحمه الله ، عن الدنيا ما كان أصبره ، وبالماضين ما كان أشبهه ، أتته البدع فنفاها ، والدنيا فأباها )
وقد وصف الله أئمة المتقين فقال :
﴿ وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ﴾ 24 السجدة
فبالصبر تترك الشهوات ، وباليقين تدفع الشبهات .
ومنه قوله :
﴿ وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ﴾ العصر 3
وقوله
أولي الأيدي والأبصار ﴾ ص 45
ومنه الحديث المرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم : (إن الله يحب البصر الناقد عند ورود الشبهات ، ويحب العقل الكامل عند حلول الشهوات )
فقوله سبحانه :
﴿ فاستمتعتم بخلاقكم ﴾
إشارة إلى اتباع الشهوات ، وهو داء العصاة
وقوله :
﴿ وخضتم كالذي خاضوا ﴾
إشارة إلى اتباع الشبهات ،
وهو داء المبتدعة وأهل الخصومات ،
وكثيرا ما يجتمعان :
فقل من تجد في اعتقاده فسادا إلا وهو يظهر في عمله .
وقد دلت الآية على أن الذين من قبل استمتعوا وخاضوا ،
وهؤلاء فعلوا مثل أولئك ... انتهى )
(من اقتضاء الصراط المستقيم : 118-121/1) )