النقابات والوزارة ... مشاركة أم مكارشة؟

[العابدالكنتي]

ها هو وزير التربية الوطنية السيد عبد اللطيف بابا أحمد يصرح مع بداية العام الجديد وعقب اجتماعه بمدراء التربية يوم الخميس 04 جانفي 2013 بأنه يسعى إلى شراكة وطنية حقيقية ودائمة مع نقابات القطاع , وهو تصريح يحمل أكثر من دلالة حول ماذا يريد فعلا من النقابات؟

هل يريد نقابات فاعلة تحمل مطالب قواعدها وتناضل من أجلهم ؟

أم نقابات أليفة ووديعة تحسن الظن بنوايا الوزارة وتلتمس لها العذر في حالة التماطل والتأخير عن الاستجابة إلى مطالبها؟

سننتظر !! لان الأيام المقبلة ستكشف عن الكثير والكثير من الأمور التي كانت إلى وقت قريب في حكم الغيب والتكهنات , وستعلم القاعدة العمالية حقيقة وطبيعة العلاقة التي تربط النقابات بالوزارة؟

هل هي فعلا شراكة حقيقية لخدمة التلميذ أولا والأستاذ ثانيا؟

أم مكارشة على حساب العمال ومن أجل مصالح ضيقة؟

لقد انتهت مهلة 100 يوم التي منحتها بعض النقابات للوزير من اجل الاطلاع على الملفات العالقة وفهم أعمق للقطاع , وتحديدا يوم الجمعة 14 ديسمبر 2012 , , ومرت المهلة الثانية التي مُنحت للوزارة من أجل الرد كتابيا , من خلال محاضر رسمية على المطالب النقابية المرفوعة إليها , ومرت العطلة الشتوية بهدوء , ورجعنا لقواعدنا ومدارسنا سالمين آمنين , لكن لا شيء تغير مذ ذاك الوقت , إلا أن بعضنا سيتسلم قريبا مقررات الإدماج عليها تأشيرة المراقب المالي وهو سعيد فرحا وحقّ له أن يفرح ويبتهج أما البعض الآخر منا فسيصاب باكتئاب و حزن و غضاضة , لأنه كان يُمني النفس بالترقية من خلال الإدماج ليختم مسيرته المهنية بترقية محترمة وراتب يحفظ له كرامته بعد إحالته على التقاعد ,لكن تجري رياح بما لا يشتهي الأيلين للزوال والنظّار والمساعدين التربويين وأسلاك الاقتصاد؟

ويمكن أن نلخص واقعنا الحالي بان الوزارة رفعت في وجه النقابات وعمال القطاع على حد السواء "خمس" لاءات هي:

· لا إدماج لأساتذة التعليم الأساسي خريجي المعهد التكنولوجي دفعة 97؟

· لا إدماج للمساعدين التربويين الحاملين لشهادة الدراسات التطبيقية إلا بأقدمية 10 سنوات وبعد أن يدمجوا أولا كمساعدين رئيسيين؟

· لا إعادة نظر في تصنيف النّظار وأسلاك الاقتصاد والمساعدين التربويين؟

· لا إدماج مباشر لأساتذة التعليم الأساسي في رتبة أستاذ تعليم متوسط إلا بعد التكوين عن البعد؟

· لا إدماج مباشر للمعلمين في رتبة أستاذ تعليم ابتدائي إلا بعد التكوين عن البعد؟

عدنا إلى مدارسنا سالمين لكن لسنا غانمين فمن البرد مرتعدين ومن المستقبل وجلين , فلا أحد منا يعرف حقيقة ما يحدث بين النقابات والوزارة , فالصمت مطبق والتصريحات من هنا وهناك قليلة , والسكون يخيّم على ساحتنا التربوية , وكأني به الهدوء الذي يسبق العاصفة؟

النقابات غابت عن المشهد التربوية منذ فترة ليست بالقصيرة , إذا استثنينا بعض المواقف أو التصريحات النقابية من هاته النقابة أو تلك , لكن أغلب نقاباتنا المبجلة إما منشغلة بترتيب البيت الداخلي أو غائبة تماما أو مغيبة بفعل فاعل طبعا كالعادة مبني للمجهول ؟؟؟.

فنقابة cnapest , بعد أن حققت 90% من مطالب من تدافع عنهم من أسلاك التعليم الثانوي , وبعد أن تحررت من تحالفها وارتباطها التاريخي بنقابة unpef , ها هي تطمح لتكون النقابة رقم 01 في قطاع التربية بالجزائر وبالتالي المنظمة النقابية الأكثر تمثيلا وتمثيلية لعمال التربية , وهو طبعا حق مشروع لكل نقابة في إطار القوانين والتشريعات المعمول بها, هذا الخيار الاستراتيجي الذي تبنته نقابة الطور الوحيد برز جليا من خلال قرارها بتعديل قانونها الأساسي مما يمكن أسلاك التدريس في الطورين المتوسط والابتدائي من الانضمام والانخراط في النقابة , وقد ابتكرت نظام فريد ورائع في التنظيم الهيكلي يسمح بتمثيل كل طور بهيئات وهياكل مستقلة مرتبطة مع بعضها البعض من خلال هيئات التنسيق عموديا وأفقيا, طبعا البعض امتعض والأخر جاهر بالعداء لأنها دخلت منطقة محظورة ونافست بعض النقابات في معاقلها التقليدية.

لكن السؤال الأهم الذي طرحه ويطرحه اغلب المتتبعين للشأن التربوي: لماذا في هذا الوقت بالذات فتحت cnapest أبوابها للمتوسط والابتدائي؟

الكثير يذهب بتفكيره بعيدا , ويحاول تفسير هاته الخطوة بنظريات التآمر والتخوين و التواطؤ ووو....الخ. وهو للأسف تفكير ضيق الأفق بعيد عن الواقع وفيه محاولة لتجاهل الحقائق , لان البعض يعتقد أن كل من يعارضه خائن أو متواطئ أو متآمر ومن ليس معي فهو ضدي.

لكن في حقيقة الأمر بعد دراستي العميقة للأمر وجدت أن cnapest فتحت نقابتها لثلاث أسباب جوهرية , أساسية وحاسمة تتوقف عليها ديمومة واستمرار هاته النقابة في العمل النقابي وهي:

السبب الأول:

بعد أن حققت نقابة cnapest جل مطالب أساتذة الطور الثانوي , فان اللائحة المطلبية تقلصت لديها بشكل كبير جدا , فاغلب المطالب المتبقية لم تعدا حصرا على أساتذة التعليم الثانوي فقط , وإنما تشترك فيها فئات عريضة من عمال التربية من مختلف الأسلاك , بل أن هناك مطالب يشترك فيها كل عمال قطاع الوظيف العمومي, لذا كان لازما على النقابة أن تساير المتغيرات الجديدة وتبحث لنفسها عن مطالب جديدة لتواصل النضال وتبقى قوة مطلبية أساسية في القطاع.

فتتجدد أو تتبدد

السبب الثاني:

إن الفشل النسبي لنقابة unpef في تلبية مطالب الآيلين للزوال من أساتذة التعليم الأساسي والمعلمين والمجازين بحيث أنها لم تحقق لهم إلا ما نسبته بين 30% إلى 40 % فقط من مطالب هاته الفئات ومع فشل الإضراب الأخير لهاته النقابة وتذمر الكثير من المناضلين والمنخرطين في هاته النقابة من الطريقة التي تم بها التفاوض مع الوزارة حول القانون الخاص , جعل cnapest تتشجع لتستثمر في فشل unpef في هذا المجال وهو تنافس نظنه مشروع و محمود ’ لكن الأهم في الموضوع أن هاته الفئات المذكورة آنفا بدأت تفقد ثقتها شيئا فشيئا في نقابة unpef كمخلّص لها ومدافع عن مطالبها , فالكثير منهم يظن بان نقابته أصبحت نقابة فئوية تدافع عن المدراء والمفتشين وتستخدم أسلاك التدريس كوقود لإضراباتها فقط , وهو الأمر الذي يحتم على قيادة unpef وقبل الشروع في أي حركة احتجاجية مستقبلا أن تسترجع ثقة القاعدة من خلال إجراءات ملموسة ومحددة.

السبب الثالث:

اعتقد انه أهم سبب حذا بنقابة cnapest أن تفتح أبوابها على الطورين الابتدائي والمتوسط هو المرسوم التنفيذي رقم 10/230 المؤرخ في 02/10/2010 الأحكام المتعلقة بتنظيم الثانوية وسيرها, الصادر في الجريدة الرسمية رقم 57 لسنة 2010 , هذا المرسوم والذي بصراحة لا ادري سبب عدم تطبيقه من طرف الوزارة وسكوت النقابات عنه وتجاهلهم إياه , فهو ينص بوضوح أن الثانوية ستصبح مؤسسة عمومية ذات استقلالية مادية ومعنوية تخضع لوصاية وزير التربية , أي انه طبقا لهذا المرسوم تصبح العلاقة بين مديرية التربية والثانوية هي علاقة وصاية فقط وتكون شبيهة بالعلاقة التي تربط معاهد التكوين المهني مثلا بوزارة التكوين المهني أو دور الثقافة بوزارة الثقافة , ومن المنتظر بتطبيق هذا القانون تتفكك تدريجيا الروابط بين أساتذة التعليم الثانوي في الولاية الواحدة وبين الولايات على اعتبار تبقى أغلب المشاكل التي يعاني منها أساتذة التعليم الثانوي مشاكل محلية تجد لها حلولا على المستوى الثانوية لان المدير تصبح لها صلاحيات واسعة جدا منها إبرام صفقات التجهيز بالطاولات والسبورات مثلا ....الخ. مما يعني أن نقابة cnapest في الظل المرسوم التنفيذي رقم 10/230 ستبدأ تفقد تدريجيا قاعدتها لصالح الفروع النقابية ويبقى دورها محصورا في التنسيق بين الفروع وتغيب المطالب الوطنية الجامعة .على هذا الأساس فان فتح النقابة على الأطوار الأخرى ينقذها من الموت البطيء ويثري رصيدها المطلبي والبشري , لذا كان شعار نقابة cnapest في هاته المرحلة : إما التجدد أو التبدد .