و كأن فلسطين هي الراعي الرسمي و الوحيد للجهاد
عبارة لم أصدق أنني قد أصطدم بها في يوم ما على صفحات منتدى هو في الأصل للجزائريين و لكل العرب ... صادفت مثل هذا المعنى بألفاظ مختلفة في فضاءات أخرى .... و صراحة حتى الغربيون كانوا يتناولون المسألة بعيدا عن روح التهكم التي تطبع التعليق بالأحمر أعلاه ...
لن أرد على التعليق في حد ذاته و لا عن التهكم الذي يلمؤه حيث لا يجوز التهكم ... و إنما سألتمس من الجميع أن يتحروا الحفاظ على قداسة الجهاد كقيمة من قيم ديننا فلا يتخذون الجهاد موضوعا للتهكم و التندر و التنكيب ...
لقد إختلف العلماء في باب الجهاد إختلافا كبيرا و لكنهم إتفقوا حول ضوابطه و شروطه و ما إلى ذلك ... و لعل أهم منا إتفق حوله علماء الأمة أن إعلان الجهاد غير متروك للعوام و إن إنتظموا في شكل جماعات أو منظمات ... فلا بد من إمام يعلن الجهاد و يتبعه الناس إلا في مواجهة مشرك كافر معتد ...
لكن أن يدعو إلى لجهاد كل من هب و دب من عامة الناس و خاصتهم فذلك و الله العبث الذي لا يضاهيه عبث ، فلو حق لفئة من المسلمين إعلان الجهاد ضط فئة أخرى ( و إن كانت على عقيدة فاسدة ) أو أن يعلن الجهاد على حاكم ظالم، فذلك من باب فتح المجال أمام كل فئة ترى نفسها على حق و ترى غيرها على باطل أن ترفع لواء الجهاد لتتطاحن الأمة فيما بين مكوناتها و ليصبح مجرد الخلاف في التفاصيل مبررا للجهاد.
الإسلام دين نظام و ليس دين فوضى .. و لقد أوكل الشرع لأولي الأمر أمور القيادة و تسيير شؤون الأمة... فكيف يخرج من يدعون الغيرة على الإسلام عن أحكام الشرع و ضوابطه .. ليصبح إعلان الجهاد مبادرة فردية و إن صدرت عن هذا العالم أو ذاك أو عن جماعة من علماء الأمة مهما كانوا صادقين مخلصين ... طالما أن ولي الأمر لم يدع بدعوة هؤلاء العلماء.
و يروي معاوية السلمي يقول كنت عند معاوية بالشام فجاء كتاب من خرسان يبشره بانه اوقع بالترك قتلا وموقعة عظيمة قال فظننت أن معاوية سيقف مستبشرا بهذا الأمر قال فغضب وكتب لآمره اني لم آمرك بهذا فلا تحدثن أمرا حتى يأتيك أمري.
فكيف صرنا اليوم نتحدث عن الجهاد بكل مثل هذه الجرأة و أغلبنا لا يستطيع أن يجيبك عن حكم جهاد المدين و هل يقبل الجهاد من مدين بدون إذن دائنه ؟
هذه من الأمور العظيمة فلا يخوضن فيها إلا عالم ضليع ... أما نحن العوام فلنتمسك بمواقفنا نفسها دون تغيير و لكن لا تلبوسها لبوس الجهاد ... فهي ليست جهادا و هذا ليس كلامي بل هو ما ذهب إليه الشيخ ابن تيمية و محمد بن عثيمين رحمهما الله و غيرهما من علماء الأمة الذي لا يرد عليهم جاهل و لا متعصب بتحليل شخصي فارغ إلا من الحقد و الغل و العزة بالإثم.