المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قطوف الجنة
انقل كلام نفيس للقرطبي في تفسيره لهذه الأية
قال................
(أي يتشاورون في الأمور . والشورى مصدر شاورته ; مثل البشرى والذكرى ونحوه . فكانت الأنصار قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إليهم إذا أرادوا أمرا تشاوروا فيه ثم عملوا عليه ; فمدحهم الله تعالى به ; قاله النقاش . وقال الحسن : أي إنهم لانقيادهم إلى الرأي في أمورهم متفقون لا يختلفون ; فمدحوا باتفاق كلمتهم . قال الحسن : ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمورهم . وقال الضحاك : هو تشاورهم حين سمعوا بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم , وورد النقباء إليهم حتى اجتمع رأيهم في دار أبي أيوب على الإيمان به والنصرة له . وقيل تشاورهم فيما يعرض لهم ; فلا يستأثر بعضهم بخبر دون بعض . وقال ابن العربي : الشورى ألفة للجماعة ومسبار للعقول وسبب إلى الصواب , وما تشاور قوم إلا هدوا . وقد قال الحكيم : إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن برأي لبيب أومشورة حازم ولا تجعل الشورى عليك غضاضة فإن الخوافي قوة للقوادم فمدح الله المشاورة في الأمور بمدح القوم الذين كانوا يمتثلون ذلك . وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يشاور أصحابه في الآراء المتعلقة بمصالح الحروب ; وذلك في الآراء كثير . ولم يكن يشاورهم في الأحكام ; لأنها منزلة من عند الله على جميع الأقسام من الفرض والندب والمكروه والمباح والحرام . فأما الصحابة بعد استئثار الله تعالى به علينا فكانوا يتشاورون في الأحكام ويستنبطونها من الكتاب والسنة . وأول ما تشاور فيه الصحابة الخلافة ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينص عليها حتى كان فيها بين أبي بكر والأنصار ما سبق بيانه . وقال عمر رضي الله عنه : نرضى لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا وتشاوروا في أهل الردة فاستقر رأي أبي بكر على القتال . وتشاوروا في الجد وميراثه , وفي حد الخمر وعدده . وتشاوروا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحروب ; حتى شاور عمر الهرمزان حين وفد عليه مسلما في المغازي , فقال له الهرمزان : مثلها ومثل من فيها من الناس من عدو المسلمين مثل طائر له ريش وله جناحان ورجلان فإن كسر أحد الجناحين نهضت الرجلان بجناح والرأس وإن كسر الجناح الآخر نهضت الرجلان والرأس وإن شدخ الرأس ذهب الرجلان والجناحان . والرأس كسرى والجناح الواحد قيصر والآخر فارس ; ; فمر المسلمين فلينفروا إلى كسرى ... وذكر الحديث . وقال بعض العقلاء : ما أخطأت قط ! إذا حزبني أمر شاورت قومي ففعلت الذي يرون ; فإن أصبت فيهم المصيبون , وإن أخطأت فهم المخطئون)
ان الخلافة قد تركها النبي صل الله عليه وسلم للأمة ولم ينص على احدا منها , وان كان هناك اقوال انه لمح للصديق ابابكر رضي الله عنه , ولكنه لم يصرح بذلك
وبعد وفاته صل الله عليه وسلم تشاور الصحابة على موضوع الخلافة , واجمع الرأي على ابا بكر ولم يخالف ذلك احدا و ورضا الجميع بهذا الرأي (خلافة الصديق) .
ثم قبل وفاة الصديق رضي الله عنه , قدم للناس عمر بن الخطاب (سواء كان ترشيحا كما يقول البعض او تنصيبا ) , فأجمع الناس عليه ولم يخالف احدا .
ثم قدم الفاروق الستة الذين مات رسول الله صل الله عليه وسلم وهو عنهم راضيا , فأختارو ذو النوريين عثمان بن عفان .
ثم انتقلت الخلافة الى ابا الحسن علي رضي الله عنه من غير شورى ولا نص لأنه هو الأحق بها انذاك .
ونلاحظ هنا ان الخلافة لا تتوقف على امر بعينه , اقصد ان الشورى ليست شرطا لصحة الخلافة , وكذلك النص .
وبما ان النبي صل الله عليه وسلم قد اكمل الدين ولم يبين او يقول ان الخلافة لا تصح الا ب (الشورى) او (النص) او غيره , فاصبح الأمر فيه سعة .
بل لم تنعقد الخلافة بالشورى بعد النبي صل الله عليه وسلم الى يومنا هذا الا بثنين فقط , ابابكر رضي الله عنه , وعثمان بن عفان رضي الله عنه .
اما باقي الخلفاء فقد قبلهم المسلمين بالرضا وان لم يأتو بالشورى .
فعمر رضي الله اقدمه ورشحه ابوبكر للأمة ولم يعارض عليه احد, وواجهه المسلمين بالقبول والرضا , فكان الخليفة الشرعي , وكذلك علي رضي الله عنه , قبله المسلمين بالرضا لأنه هو الاحق بها , ولم يأي من شورى.
فالخلافة قد تكون بالشورى
وقد تكون بالنص
وقد تكون كذلك بالغلبة ,كخلافة بني أمية، وبني العباس كلها كانت بالقوة والغلبة. ولم تكن الخلافة بالاختيار والانتخاب والشورى , ومع هذه كلها خلافات شرعية لا خلاف حولها .
فقد جاء عن إسحاق بن ابي بر انه قال
(أمرني خليلي أن أسمع وأطيع وإن كان عبداً حبشياً مجدع الأطراف - وفي لفظ - ولو لحبشي كأن رأسه زبيبة).
فأن تغلب هذا العبد الحبشي فوجب طاعته بالعروف , والسمع والطاعة , وهذا دليل على ان الخلافة لا يشترط ان تكون بالشورى او النص كما قلنا بل حتى وان تغلب علينا عبدا حبشي كما جاء .
ان الشورى من قبل الخليفة امرا مندوب يؤجر عليه الخليفة , وان اجتهد بأمر ما ولم يستشير, فأنه لا يأثم على ذلك لأنه راع , وكل راع مسؤول عن رعيته , وانه لم يخالف بذلك امر واجب قد اوجبه الله او رسوله .
وهنا سؤال مهم
ماهي شروط الخليفة
قال اهل العلم , للخليفة شروط منها
1- ذكرا
2- حرا
3- بالغا
4- عاقلا
5- مسلما
6- عدلا
7- مجتهدا
8- بصيرا
9- سليم الاعضاء
10- خبير بالحروب والاراء
11- قريشيا على الصحيح
قال الشيخ عبدالعزيز الراجحي تعليقا على هذه الشروط
تشترط إذا كانت الخلافة عن طريق الاختيار والانتخاب، ولم تتوفر هذه الشروط إلا بـالصديق ، و عمر ، و عثمان ، و علي أما غير هؤلاء فلم تتوفر فيهم. أما عن طريق الاستخلاف أو البيعة فتصح الخلافة مع عدم وجود بعض هذه الشروط. فالمرأة لا يجوز اختيارها؛ وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يفلح قوم ولو أمرهم امرأة). والخلفاء الذين استخلفوا وهم مماليك، ثبتت لهم الخلافة. وهناك أشخاص لا تثبت لهم الولاية بحال من الأحوال وهم: المرأة، والكافر، والمجنون، والصغير الذي لم يبلغ. أما غير هؤلاء فتثبت لهم الخلافة إن كانت عن طريق الاستخلاف أو البيعة.
انتهى كلامه
الشرط الحادي عشر الذي جاء في شروط الخليفة , كثيرا ما يحتج به الرافضة , وهنا نقول
ان قريش ليسو بني هاشم فقط , بل هم قبائل كثيرة , فأبو بكر قرشي , وعمر قرشي , وعثمان قرشي , وغيرهم الكثير , فقريش اكبر من ان تحصر ببني هاشم .
ثم انالإمامة تكون في قريش إذا وجد منهم من يقيم الدين، ويدل على ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث معاوية رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزال هذا الأمر في قريش)، وفي لفظ: (ما أقاموا الدين)، وفي لفظ: (بقي منهم اثنان)، فدل على أن الخلافة تكون في قريش، إذا وجد منهم من يقيم الدين، فإن لم يوجد منهم من يقيم الدين، يختار من غيره بهذا الخير، وذلك إذا كان الاختيار والانتخاب للمسلمين ولأهل الحل والعقد, وكما قلنا سابقا ان هذه الشروط لم تتوفر الا بأبو بكر وعمر وعثمان وعلي.
ولكن خلافة من بعدهم خلافة صحيحة وان لم تتوفر بعض هذه الشروط .
الخلاصة
1- ان الشورى امرا مندوب يؤجر عليه صاحبه ولا يأثم ان تركه
2- ان الشورى في جميع الامور , الاقتصادية , الاجتماعية , السياسية ,وليست في الخلافة فقط
3- ان الشورى ليست واجب او فرض , فان تركها الراع او الخليفة لمصلحة او رأي يراه هو صحيح فلا حرج عليه ولا يأثم على ذلك.
4- لا يوجد نص شرعي من الله او رسوله تبين كيفية اختيار الخليفة للمسلمين , بل ترك الأمر للمسلمين , فمن أتى عن طريق الشورى وهو مسلم فهو خليفة للمسلمين , ومن أتىبالنص فهو خليفة شرعي , ومن أتى بالغلبة فهو خليفة شرعي .
|