أهلها كنوز الأرض فصار الناس يفدون إليها طلباً للرزق . وكان من الحكمة الموافقة لسنة الله في مدافعة الخلق بعضهم ببعض أن تبرم العقود لحماية جماعة المسلمين ومصالحهم من شر بعض القوى المتنفذة في ذلك الوقت قال تعالى )وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً(
ومن هنا نعلم أن الملك عبدالعزيز – رحمه الله – كان سابقاً لعصره في عقد هذه المعاهدات ، وإلا فإن الجميع كان يطمع في خيرات هذه البلاد ، البعيد والقريب ، وهذا لا يضر في الدين طالما أن المقصود منه تبادل المصالح الدنيوية ، قال تعالى عن لوط – عليه السلام – )لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ( وقد أقره على ذلك علماء عصره.
أما ما يتعلق بأمر الحكم بغير ما أنزل الله كما هو الواقع في أكثر بلاد المسلمين فإن المخالف إذا لم يسلم بما نُقل عن السلف من التفريق بين المقرّ بحكم الله لكن خالفه ، وبين المبدل من تلقاء نفسه ، وقول المخالف أن ما يجري في هذا العصر من الحكم بغير ما أنزل الله أمرٌ حادث لم يكن عند الأوليين ، فيقال له: فإنه حادث بكل أبعاده ، فإن نظام الحكم اليوم في أغلب الأقطار الذي يشرع فيه: مجلس الشعب أو ما يعرف بالبرلمان وقد اختارهم الشعب عن طريق الانتخاب ، والرئيس أو الحاكم صلاحياته معروفة ، تتعلق غالباً برسم سياسات الدولة العامة مثل العلاقات مع الدول الأخرى وغيرها ، فإن لم نأخذ بالنقول عن السلف ، فإن التكفير سيشمل المجتمع كله مع ظهور شعائر الإسلام فيه ولا أظن عاقلاً فضلاً عن العالم يقرّ هذا ، إلا من قَصَر مفهومَ الإسلام على الحدود، وما يتعلق بواجبات الحاكم وهذا لا يقوله إلا من فنى في الحاكمية ولم ير من شُعب الإيمان سواها .
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على إفلاس أهل هذا الفكر من العلم بالمنهج النبوي في هداية الناس و عليهم أن يعلموا أنهم ليسوا أوصياء على الخلق ، بل كما قال تعالى )إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ ( وقال تعالى )قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ( وقال تعالى )وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ( قرأت كتاب أخينا الكريم الشيخ عبدالعزيز بن ريس الريس " تبديد كواشف العنيد في تكفيره لدولة التوحيد "، فإذا هو قد كشف شبهات ذاك الدّعي للعلم ، ونصح في الدفاع عن المملكة العربية السعودية وما قامت عليه من عقيدة وشريعة وبرّأ أهلها أن يكونوا اجتمعوا على الكفر وتحاكموا إليه ، وأقام الحجج السلفية العليّة ، وقمع أفكار الخوارج الدنيّة ، فجزاه الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء ، وصلى الله على نبيه محمد وآله وصحبه وسلم .
كتبه ليلة الاثنين
22 / 11 / 1425هـ
عبدالله بن صالح العبيلان