بين الاتحاد والمجلس ... ضاع المعلم فجلس

[العابدالكنتي]

تشهد الساحة التربوية غليانا شديدا وصراعا ظاهريا لم يعد خفيا على كل ذي لُب بين نقابتي المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعلم الثانوي والتقني (CNAPEST) و الاتحاد الوطني لعمال التربية (UNPEF) , هذا الصراع تجلت أولى بوادره في غياب التنسيق بين النقابتين في إضرابهما الأخير (الأولى قامت بإضرابها أثناء المفاوضات والثانية في أفريل 2012 بعد الانتهاء منها) , فكل نقابة قامت بإضرابها لوحدها وازدادت حدة التوتر بصدور المرسوم التنفيذي 12-240 المعدل للقانون الأساسي لعمال التربية ,والذي باركته CNAPEST وطالبت بالإسراع في تطبيقه لأنه يلبي 90% من مطالبها , بينما نددت UNPEF به ودعت إلى تجميده و معالجة الاختلالات فيه.

ووصل الخلاف حد القطيعة وتبادل التهم بين النقابتين , وأنفك الرباط المقدس بينهما وحل التخوين والتهويل محل التنسيق والتفاهم, فأسست UNPEF لجنة لمدراء الثانويات لتحارب CNAPEST في عقر دارها, وردت عليها الأخيرة بالمثل , ففتحت نقابتها للطور المتوسط والابتدائي لاستقطاب المعلمين وأساتذة التعليم المتوسط.

والآن بعد أن صارت كل نقابة تتغنى بانجازاتها وفتوحاتها العظيمة وتتصيد سقطات وهفوات الأخرى, صار تبادل التهم مباحا و أكل لحم الميت حلالا , وشرب النبيذ من أوكد الفرض, ببساطة لان النقابات تعلم و المساكين من عمال التربية يعلمون أن القانون الأساسي أصبح من الماضي , وعملية الإدماج وفق القانون الجديد المعدل سارية على قدم وساق و ما هو إلا أسبوع واحد من الآن وتنتهي العملية وتجف الأقلام وتطوى الصحف, عندها تعود ريمة لعادتها القديمة , فتحاول النبش في القبور بحثا عن قضية جديدة تشغل بها الرأي العام دهرا من الزمن وتطيل عمر بعض الديناصورات أعواما جديدة , وربما تفتح ملف صندوقfnpos أو إعادة فتح قضية الخدمات من باب المحاسبة والمغالبة , أو طب العمل ...الخ.

وهاهي النقابة الوحيدة الرشيدة السديدة الحاكمة بأمر الله وحده لا تخطئ أبدا ,لكنها لا تصيب رشدا! نقابة UNPEF تواصل عملية تفريخ اللجان النقابية لمختلف الأسلاك , طبعا ما عدا أسلاك التدريس, فللمخبريين لجنة ولأعوان الأمن والوقاية لجنة, للمساعدين التربويين لجنة أخرى وطبعا للمدراء لجنة , كيف لا؟ والنقابة منهم واليهم ولأجلهم!. لجان ولجان ثم لجان , الله وحده وربما قيادة UNPEF تعلم الهدف والسر من وجودها , وفي الجهة المقابلة نجد أن نقابة CNAPEST تهاجما في معقلها وتزحف على ما تبقى من قاعدتها العمالية وتعمل بروح القوي المنتصر لتفتيت وحدة UNPEF وإضعافها من حيث تدري أو لا تدري , ربنا وحده الذي يعلم خائنة الأنفس وما تخفي الصدور, وربما الآن يمكن أن نفهم دوافع تلك الخطوة الغريبة جدا التي قامت بها نقابة CNAPEST أثناء المفاوضات باقتراحها تخفيض التصنيف أساتذة تعليم المتوسط!!

لقد اكتسبت نقابة CNAPEST قاعدة ومصداقية قوية في الثانويات , خاصة بعد تلبية الوزارة لأكثر من 90% من مطالبها , وهي الآن تتقوى أكثر فأكثر لتصبح النقابة الغول التي ستلتهم كل النقابات الأخرى في القطاع بما فيها نقابة 160000 منخرط أي نقابة UNPEF, التي يظهر جليا أنها تتراجع وتتقهقر رويدا , رويدا وتفقد يوما بعد آخر فئات وأسلاك عديدة كانت إلى وقت قريب مصدر قوتها بدءا بخيبة الأساتذة المجازون ثم بعدها صدمة الأيلين للزوال , وهي لم تتعلم شيئا مما مضى ولا زالت ترتكب نفس الأخطاء وتسير على نفس النهج الانتحاري و شيمتها المكابرة وعدم الاعتراف بالخطأ.

إذا لقد تحول الصراع من نقابة – إدارة إلى صراع نقابة – نقابة , والضحية الأولى والأخيرة هم الآيلين للزوال (المعلم , أستاذ التعليم الأساسي, المساعد التربوي) , إضافة إلى النظار والمستشارون وموظفو المصالح الاقتصادية , لقد اختلط عليه الحابل بالنابل , بين نقابة كانت محل ثقته ويعتقد أنها خانته وأخرى تفتح له أبوابها ممنية إياه بالنعيم المخلد؟؟ فأين المفر؟ والى أين؟

الخلاصة: من أجل ميثاق شرف بين النقابات

بصراحة لست سعيدا البتة للصراع الحاصل بين منتسبي النقابتين الأهم في القطاع ولست مرتاحا لتلك المعارك الطاحنة التي تدور رحاها في الخفاء وعلى صفحات المنتديات و الفيسبوك , فالخاسر الأول والأخير هو عمال التربية والمستفيد الأول والأخير وزارة التربية , كما قلت سابقا وأعيد واكرر انه لا مناص من عودة التنسيق بين النقابتين في سبيل تحقيق ما تبقى من مطالب ولا بد من ميثاق شرف أخلاقي بين النقابات بحيث تمتنع كل نقابة عن مهاجمة أخرى أو الطعن فيها , ويجب أن يكون هناك احترام متبادل وكل يحترم خصوصية الأخر ولا تسعى أي نقابة لاحتواء أو استقطاب منخرطي نقابة أخرى, بهذا وحده يمكن تحقيق المطالب.

وكما قال الشاعر: ما نيل المطالب بالتمني لكن تؤخذ الدنيا غلابا