قال ابن جبرين:
(أ) ماذا يفيد قول أحمد رحمه الله: نؤمن بها ونصدق بها؟
(ب) وما معنى قوله: لا كيف ولا معنى؟
(ج) وما المراد بالحد والغاية المنفية هنا؟
(د) وما معنى: لا يبلغه وصف الواصفين؟
(هـ) وما مجمل القرآن ومتشابهه؟
(و) وما معنى قوله: لشناعة شنعت؟
(ز) وما تثبيت القرآن؟
(أ) هذا الأثر عن أحمد مشهور وقد رواه أبو يعلى في إبطال التأويلات له، ويفيد كلامه رحمه الله بيان طريقة السلف في نصوص الصفات وأن المؤلف في هذه العقيدة قد سار على طريقتهم التي هي التصديق بتلك النصوص، كحديث النزول، وأحاديث الرؤية وغيرها، واعتقاد صحتها ودلالتها على معانٍ، وإن كانت تلك المعاني غير مفهومة لنا على حقيقتها وما هي عليه لقصور علم البشر عن إدراك كنه تلك الصفات لقوله تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} .
(ب) قوله: (لا كيف ولا معنى) أي: لا نتكلف السؤال عن كيفية تلك الصفات وهيئتها، ولا نقول: إن معناها كذا وكذا، بغير دليل، بل نقول: هي صفات أثبتها الله لنفسه، فنعتقدها، ونكل كيفيتها وكنهها إليه تعالى.
(ج) قوله: (بلا حد ولا غاية) هما بمعنى: نهاية الشيء ومداه؛ يعني أن نتقبل الصفات الواردة لله، ولا نحددها ونعرفها، ونجعل لها غايات ومبدأ ومنتهى، من قبل أنفسنا، بل نجريها على حد قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} وهو: نفي مشابهة الله لأحد من خلقه في ذاته وصفاته.
(د) قوله: (لا يبلغه وصف الواصفين) أي: لو وصفوه من قبل أنفسهم لما بلغوا ما يستحقه، ولما وصلوا إلى حقيقة صفاته وكنهها وما هي عليه، فهو العالم بماهيتها مع علمنا بالمعنى الظاهر للفظ اللغوي، وإنما يجهل المعنى الباطن وهو: الكنه والكيفية.
(هـ) أما مجمل القرآن فهو: الآيات التي اختصر لفظها، ودخل في معناها معان كثيرة، ولم يرد بسطها وتوسيع معاني ما دلت عليه، والمتشابه: تقدم معناه، والمراد: أننا نصدق بالقرآن كله المجمل منه والمبسوط، والمحكم والمتشابه، ونقول: {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} .
(و) قوله: (لشناعة شنعت) الشناعة: القبح، أي: لا نترك ذكر شيء من صفات الله الواردة، ولو شنع علينا الناس وعابونا، ورمونا بأنا مشبهة، وممثلة، وحشوية، ونوابت، ونحو ذلك، كما قال الزمخشري المعتزلي عامله الله بعدله يعيب أهل السنة:
قد شبهوه بخلقه فتخوفوا ... شنع الورى فتستروا بالبلكفة
(ز) (وتثبيت القرآن) : إثباته، أي: لا نعلم كيفية شيء من الصفات، إلا إننا نقبلها تصديقا للرسول عليه الصلاة والسلام، لأنه الذي بلغها، وإيمانا بالقرآن الذي أثبتها الله فيه.