ما حكم المشروبات الغازيه ؟

[شمس الدين]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فضيلة الشيخ :- ما حكم شرب المشروبات الغازيه " البيبسي والكولا والبريبكان ومشتقاتها " وهل تصح الصلاة عند شربها ؟

السائل: ابو اليزيد البادي

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه اجمعين .

يذكر المختصون في التغذية عدة مضار للمشروبات الغازية من ذالك أنها:

1- تؤدي إلى عسر الهضم عن طريق إلغاء دور الإنزيمات الهاضمة التي تفرزها المعدة، وبالتالي إلى عرقلة عملية الهضم، وعدم الاستفادة من الطعام.

2- تسبب هشاشة العظام لاحتوائها على أحماض فسفورية تؤدي إلى هشاشة وضعف العظام.

3- تسبب تآكل الأسنان لاحتوائها على أحماض الفوسفوريك والماليك والكاربونيك التي تسبب تآكل طبقة "المينا" الحامية للأسنان.

4- تحتوي العلبة الواحدة من المياه الغازية على ما يعادل 10 ملاعق كافية لتدمير فيتامين "ب"، والذي يؤدي نقصه إلى سوء الهضم وضعف البنية، والإضرابات العصبية، والصداع، والأرق، والكآبة، والتشنجات العضلية.

5-المياه الغازية تحتوي على الكافيين الذي يؤدي إلى زيادة ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم والسكر، وزيادة الحموضة المعدنية، وزيادة الهرمونات في الدم مما قد يسبب التهاب وتقرحات للمعدة والأثنا عشر .

6- المياه الغازية تحتوي على غاز ثاني أكسيد الكربون والذي يؤدي إلى حرمان المعدة من الخمائر اللعابية الهامة في عملية الهضم، وذلك عند تناولها مع الطعام أو بعده.

7- كثيرا ما ينصح الأطباء بتجنب المياه الغازية ، وبالذات مرضى القولون العصبي ومرضى المعدة .

8- بعض الأطباء يربطون هذه المشروبات بزيادة معدل تكوين الحصوات في الكليتين.

وإذا كانت هذه المعلومات صحيحة وثابتة فهي تعني أنه لا يجوز شرب المشروبات الغازية إلا بنسبة قليلة بحيث لا تؤثر على الصحة أما الإكثار من شربها فهو يدخل في الاستعمال الضار الذي يمنعه الشرع .

البيبسي والكوكا كولا :

أما بالنسبة للبيبسي والكوكا كولا فصحيح أنه لم يعد خافيا أنهما يحتويان على مواد كحولية بعدما أعلن المعهد الوطني للاستهلاك الفرنسي عن ذالك.

فقد نسبت مجلة "لوبوان" الفرنسية في عددها الصادر في أواخر شهر يونيو من هذا العام إلى المعهد الوطني للاستهلاك في فرنسا قوله أن "البيبسي والكوكاكولا يحويان نسبة من الكحول"، موضحةً أنه "بعد إجراء الاختبارات على 60 مليون مستهلك، أظهرت النتائج أن الكوكاكولا والبيبسي يحويان نسبة قليلة من الكحول تمثل 10 ملليغرام للتر الواحد".

لكن هذا الامر وحده لا يعني بالضرورة حرمة استعمال الكوكاكولا والبيبسي ..

ويتضح ذالك من خلال الإجابة على هذين السؤالين :

السؤال الأول : هل مخالطة المواد الكحولية لأي شراب تجعله مسكرا؟

المسكر هو المائع المغيب للعقل بغض النظر عن القدر المؤثر منه لأن كل ما أدى إلى السكر فالقليل والكثير منه سواء في الحرمة .

وأما الشراب الذي خالطه شيء من المسكر وذاب فيه حتى ذهبت اوصاف هذا المسكر وانعدم تأثيره فلا يصير الشراب مسكرا بمجرد هذه المخالطة..

بل لابد أن يكون الشراب موصوفا بأنه مسكر بالفعل حتى يحكم عليه بأنه هو المسكر المحرم .

ولهذا قال البهوتي في كشاف القناع :

( "ولو خلطه" أي المسكر "بماء فاستُهلك " المسكر "فيه" أي الماء "ثم شربه" لم يحد لأنه باستهلاكه في الماء لم يسلب اسم الماء عنه) كشاف القناع عن متن الإقناع (20/ 475)

وهذا يعني أن دخول بعض المواد الكحولية في تركيب بعض السوائل لا يعني ضرورة أن هذه السوائل أصبحت من المسكر المحرم ..بل لا بد أن تكون مسكرة بنفسها بغض النظر عن القدر المسكر منها قليلا كان أو كثيرا ..

وهذا هو معنى قوله صلى الله عليه وسلم : "ما أسكر كثيره فقليله حرام" فالمقصود بالقليل هنا القليل الذي لا يسكر من الشراب المسكر نفسه ,وليس معنى الحديث ان كل مائع خالطه جزء من الخمر يصير بذالك خمرا .

والخمر إنما حرمت لعلة الإسكار ، فإذا انتفى هذا الوصف انتفى التحريم، لأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما إذا كانت العلة مقطوعا بها بنص أو إجماع .وقوله صلى الله عليه وسلم "ما أسكر كثيره فقليله حرام" يدل على ربط الحرمة بوجود الإسكار لا بطبيعة العناصر المكونة .

وبناء على ما سبق نقول : إن البيبسي والكوكا كولا لا يعتبر مسكرا إلا إذا كان شرب كمية منه –قليلة كانت أو كثيرة- يؤدي إلى السكر .

وأما مجرد دخول الكحول في تركيبه فلا يعني ذالك أنه شراب مسكر ,لان هذه المواد الكحولية قد تدخل في تركيب بعض العناصر الطبيعية المباحة بنسبة ضئيلة دون ان يكون لها اثر ظاهر يقتضي الحكم عليها بالإسكار .

بل إن الخمر إذا تخللت أي صارت خلا تصير طاهرة عند من يقول بنجاستها بغض النظر عن نسبة مكوناتها .

قال ابن رشد : (لا اختلاف بين أهل العلم في أن الخمر إذا تخللت من ذاتها تحل وتطهر) البيان والتحصيل (18/ 619).

ثم إن إسقاط الحكم على هذه العناصر يكون من خلال النظر في الأوصاف المؤثرة التي حددها الشرع وليس من خلال النظر في فحوص المختبرات لأن هذا من التعمق الذي نهينا عنه .

وكمثال على ذالك :فالنجاسة منهي عن التلبس بها ونحن نحكم على الأشياء بأنها متنجسة حين تظهر عليها آثار النجاسة ..

و لسنا مكلفين بالبحث عن آثار هذه النجاسة بالفحص المجهري .

إن المشروبات التي لا تظهر نسبة الكحول فيها إلا من خلال الفحوص والمختبرات من الأمور التي سكت عنها الشارع فهي داخلة في قوله صلى الله عليه وسلم : (وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تسألوا عنها) .

السؤال الثاني : هل مخالطة الكحول لأي شراب تجعله نجسا؟

إن مخالطة بعض المواد الكحولية لأي شراب لا تعني بالضرورة تنجسه ..وذالك بناء على ما يلى :

1- لا دليل من الكتاب والسنة على نجاسة الخمر .

2- وعلى فرض أن الخمر نجسة فلا دليل على أن العلة في نجاستها هي وجود المواد الكحولية .

3- وعلى فرض أن المواد الكحولية هي العلة في نجاسة الخمر فإن مجرد مخالطتها للماء او لأي مشروب لا يعني تنجسه ما لم تغلب عليه ويظهر أثرها في لون أو طعم أو ريح ..

فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن طهارة بئر بضاعة –وكان يلقى فيها النتن والحُيض- : ( الماء طهور لا ينجسه شيء)وفي زيادة أخرى بسند ضعيف لكن اتفق أهل العلم على العمل بها إلا إن تغير ريحه أو طعمه أو لونه).

قال ابن عابدين وحكم سائر المائعات كالماء في الأصح ، حتى لو وقع بول في عصير عشر في عشر لم يفسد ، ولو سال دم رجله مع العصير لا ينجس) رد المحتار (2/ 40).

قلت : وهذا مذهب أبي حنيفة والزهري والبخاري وأبي ثور ورواية عن مالك وأحمد وهو قول طائفة من السلف .

4- وعلى فرض ان مخالطة هذه المواد الكحولية لأي مشروب تنجسه فإن أحكام الطهارة مبنية على الأمور الظاهرة لجميع الناس وليس على نتائج الفحوص المخبرية كما ذكرت سابقا.

بل إنه كلما دق حجم النجاسة أو عمت البلوى بها كانت أمكن في دائرة العفو .

قال الشربيني في الإقناع :

(ويستثنى أيضا نجس لا يشاهد بالبصر لقلته كنقطة بول وخمر، وما يعلق بنحو رجل ذباب لعسر الاحتراز عنه فأشبه دم البراغيث.) الاقناع في حل ألفاظ أبى شجاع (5/ 24).

***

من خلال ما تقدم إذن يتبين أن مخالطة بعض المواد الكحولية لأي شراب لا تعني بالضرورة كونه مسكرا او نجسا .

لكن مع ذالك نقول : ليس بمقدور أحد الجزم بحقيقة المكونات الأساسيه لمادة البيبسين لأنها تعتبر وصفة سرية تأتي الى الدول المصنعه على شكل عجائن خاصة في براميل مغلقة لا تفتح الا عند توصيلها لخطوط الانتاج لتصل في النهاية بعد المعالجه اللازمة الى الزجاجات التي تطرح في الأسواق وهي مغلقة أيضا .

وهذا المشروب ذو الوصفة السرية حامت حوله الشكوك كثيرا و ربما كان يدخل في تركيبه بعض مستخلصات الخنزير !

فقد ذكر د/ مصطفي الشكعه أنه عاش في امريكا 6 سنوات عرف خلالها أن مادة البيبسين تستخرج من أمعاء الخنزير لتساعد من يشربون المشروب على الهضم.

وكثيرة هي الدعايات من شركة بيبسي التي توضح ان البيبسي يعد من لحوم وشحوم الخنزير.

إضافة على ذالك فإن اللتر الواحد في الكوكا كولا والبيبسي ، يحتوي على 17 إلى 18 قطعة من السكر المبلور.

وللتأكد من أن مواد البيبسي العالية التركيز ضارة يكفي أن نعلم أنه يتم رسم علامة المواد الحارقة على البرميل الذي يحويها !

وقد كان الهنود يستخدمون هذه المادة في محاربة آفات المحاصيل الزراعيه !

فالذي يظهر والله اعلم أن أقل ما يقال في هذا المشروب أنه داخل في باب الشبهات ..

ومن الحيطة في الدين والبعد عن الشبهات أن يمتنع المسلمون عن شربه امتثالا لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام "..

وأما بالنسبة لطهارتها فهي طاهرة العين كما أسلفنا ولا يؤثر شربها على صحة الصلاة .

***

هذا من جهة الحكم على هذه المشروبات من حيث مكوناتها ومضاعفاتها الصحية..

اما من جهة الحكم عليها من حيث مصدّرها ومنتجها فنقول :

لقد ذكرنا في إجابة سابقة أنه لا يجوز شراء سلع الدول المحاربة للمسلمين لما في ذالك من إعانتهم وتقوية اقتصادهم .

ولهذا نقول كل المشروبات الغازية –بغض النظر عن مشروعية استعمالها في الأصل- تجب مقاطعتها ولا يجوز شراؤها إذا كانت مستوردة من دول محاربة للمسلمين .

والله أعلم
والحمد لله رب العالمين .