"حيرة"
كلما ظننت أني أدركت الدنيا
وأصبحت لها وبأسرارها عالم
أمسيت غريبا في أحضانها بشدة
ترفضني فأيقنت أني لها ظالم
كل يوم تلقي علي دروسا تعلمني
أسباب وجودها وانتباهي لها دائم
وتحكي لي عن نفسها بلطافة قول
سحرتني و أمسيت بعشقها هائم
و أبيت الليل حائرا في لوعتي بها
و كسب ودها والولوج لقلبها حالم
ويغلبني الأرق بعد طول هيام
وأدرك في الصباح أني كنت نائم
و طيفها مبتسمة عني يبتعد
بخيالها تدعوني قم أيها الناعم
فأهرع من فراشي علني ألحق بها
فتفر و أظل اليوم لنفسي لائم
صادفتها يوما فأمسكت بها عنوة
فصاحت دعني أيها الشيخ السقيم
فلم يبق لك عندي نصيبا تأخذه
سوى الثرى يستر جسدك الهرم
فتركت يدها و الخجل يقتلني
و أطرقت امامها رأسي نادم
عندها ابتسمت و بكبرياء نطقت
إذا أردت حاجة فعليك التكلم
فقلت حينها تشرفني معرفتك
و لرضاك أسعى و الفوز بك أحلم
فقالت مهري أن تكفر بما دوني
و أن تكون تلميذا و أنا المعلم
مشيت خلفها قاصدا مدرستها
بلهفة طالب علم إليها قادم
فأجلستني فوق الرمال برهة
و قالت هذه مدرستي أيها المغرم
فالشاطئ سبورتي و البحر مدادي
و علمي لا يلزمه ورق و لا قلم
فبدأت أنهل من علمها بانتباه
فلم أجد فيه أكثر مما كنت أعلم
لركاكة أسلوبها و سرعة غضبها
و خبث قصدها و سخطها العارم
فتسللت خلسة عنها هاربا
و حمدت الله أني خرجت سالم
و أقسمت ألا أعود يوما لمغازلتها
مهما لحقت بي الأضرار و المظالم....
سيد العرين