أسطورة الدنى

[أريج الغار]

هل أثارت تلك النسمة العليلة غضب أمواجك المتلاطمة، أم أنها أضجرت صفحتك الهادئة هدوء الفجر الضاحك، أم لعلها مرحت على دروبك حتى مللت حملها؟
هل وجدت في البدر المنير امتدادا لأمواجك و رجوعا، أم أنه ساحرك بجماله، أم تراها شمس الضحى من تنافس روعتك برونقها؟
هل عمدت إلى النظر لوجهك في المرآة، هل عمدت إلى سؤال نفسك عن خباياك، و هل علمت لم أكتب عنك؟
أنت ساحري، أنت هو مرآة السماء و ملهم النجوم و محير القمر...
ما أروعك و قد جعلت من مائك زرقة تشخص لها العيون و تستأنس بها القلوب و تفرج بها الهموم و تغرس بها شجرة الحب و زهرة الأبدية.
لا زلت أخبئ تلك الرسالة، رسالة أعماقك و ما جادت به تلك الآهات الحزينة المنبعثة من صوت تلاطم الموج بصخر الصمود و العظمة، لا زلت أحتفظ بها و كأنها قطعة من القرطاس الحزين الذي أستأنس به في وحدتي..
لا زلت أحبها و أعشق سطورها و كل حروفها، فلقد رمت بداخلي بذرة العطاء و المد الطويل، و زادت من أرقي الحلو، و مسحت عن قلبي الهموم و الأحزان..
لا زلت أذوب في كلماتها و أتغنى بمعانيها التي ما عشت لأحلم بقراءة مثلها، و ما تخيلت أني سألاقيها، و ما دريت بأنك ممدها بعطر الفيافي و قفار القلوب و غابات النفس المطمئنة..
سأحفظها عن ظهر قلب، و سأخط معنى كل حرف منها، و سأحاول إيجاد مكاني من كل ما ترويه و تكتسيه من حكايات الدنى و ما أسرت به الأفئدة و ما كان منها في تلك الدروب الطويلة إلى لمستقبل البعيد.
هل حاولت يوما أن تطلع على ما كتب فيها، هل حاولت يوما معرفة سر غوصها في مائك، و هل حاولت معرفة كاتبها و رائد مسارها و كابتن سبيلها؟
لعلها كومة در و إن كانت ورقة صفراء ممزقة الأطراف، لعلها زمرد الروح و الجوارح و إن خطت بحبر زرق عتيق، و لعلها كنز العالمين إذا ما أفادوا منها أنفسهم و أهليهم.
عد بنفسك إلى الوراء و ارجع بمخيلتك قليلا، ألن يسرك التعرف إلى من كتبها؟ حاول قدر المستطاع اللجوء لى نعمانك و صدفك، أتراهم أيقنوا حقيقته أم أنه ارتدى قناعا يغطي به لوعة ألمه و حسرة قلبه؟..
أظن أن عليه الترحال في عوالم سرية حتى لا يكشف أمره و هو الذي وجد حلا ناجعا ينقذ البشرية من الغرق في جواب ذلك السؤال:...
سأصرف بياض نهاري و سواد ليلي في تحصيل العلم الذي جاءت به و الحكمة التي منحتها و سأجعل من كرمها مرآة لمعرفة صاحب هذا العذاب إن صح لنا قول ذلك..
إنها قصة مريرة و مفرحة، بدأت مشوارها معي من يوم خروجي إليك، و انا أتمشى على رملك الناعم طلبا للراحة و الإسترخاء و حلما بامتصاصك صداعي الذي لازمني قبل تلقيها فترة من الزمن و جعل يطعنني في كل غفوة بخنجر، و أنا داعب أمواجك القادمة من الأفق الأزرق البهيج، إذ بأسطورة الدنى تصافح نظري، قارورة تحمل إلي بشرى الأمل الأبدي.

في رأيكم قراء ما خط قلمي المتواضع، ما هو هذا السؤال إذ أنا كذلك أجهله؟؟