قصص و حكايات ( فكاهة ، عبر ، ...)

[رزان.]

(( 13 )))

الآلــة الغـــريبة

مرّ رجل قرويّ أمّيّ قرب مدرسة ، و كان المعلم يشرح أمثلة القواعد للتّلاميذ ، فوقف يستمع ، و كان من جملة ما دخل أذنه هذه الجملة : ( مررت بالجبل )

و قول المعلّم للتلميذ : ( بالجبـل ، جار و مجرور ، الباء حرف جـرّ ، و الجبل مجـرور بالباء ) .

فاندهش الرّجل ممّا سمع ، و أخذ يقول في نفسه : ما هي هذه الباء الّتي تجرّ الجبل ، و ما تكون قوّتها ؟

و صار يجهـد عقله في إدراكها و يقـدّرها تقديرات شتّى ، فظنّ حينا أنّها آلة جديدة مخترعة ، و حينا آخر أنّها جرّار يجرّ وراءه قوّات عظيمة .

ثمّ مشى و هو في هذا التّفكـير العميق . و بقي على تلك الحالة حتى وصل إلى البيت حيث قصّ على امرأته و أولاده خبر هذه الباء العجيبة القوّة .

و بعد بضعة أيّام ، مات جمل كبير ، فقال بدلا من أن أعذّب أصحابي ، و أحمّلهم أثقال جرّه إلى خارج القرية ، أرسل أحــد أعواني ، و أستحضر بواسطته الباء التي عنــد ذاك المعلم و أجرّه بها ،و أوفد كبير أبنائه ليحضرها . فلمّا وصل الابن إلى المعلّم قال له :

" أوفَدَني أبي إليك لآخذ له الباء التي جررت بها الجبل منذ مدّة ، ليجرّ بها جملا كبيرا مات عندنا " . و لمّا سمع المعلّم هذا الكلام ، ضحك ضحكا شديدا و قال له بعد برهة :

" اذهب و قل لأبيك : إنّنا لا نزال في الوقت الحاضر نجر الجبل بهـذه الباء . و عندما ننهـي عملنا ، نعيرها إيّاه و لا نبخل بها عليه "

عندئذ رجع الابن خائبا ، و لمّا وصل إلى البيت و أبلغ والده جواب المعلم ، قال : إذا كانت هذه الباء جرت الجبل ، فهل تتعب يا ترى من جرّ الجمل الذي لا يوازي ثقله جزء من ثقل الجبل ؟؟؟ !!! .