من مذكرات مثقف "شهير"

[نارينا]

تعالت أصوات التصفيق والهتافات حينما غاص وجال بخطاباته الرنانة وغرق جميع من في القاعة الكبيرة في بحر الاعجاب والامتنان لهذا المثقف الذي يحمل درجة مفكر .....حينما بدأ الحديث عن الحرية والديموقراطية وحقوق الانسان ....هنا ساد الصمت القاعة وعلت الابتسامة وجوه المئات من النساء الحاضرات ....فجأة سمع صوت خطوات قادمة من اخر القاعة تمشي بثبات وسكون ...التفت الجميع الى هناك ....انها أمراة شابة جميلة ..عم الهمس القاعة وبدأ الكثير التساؤل عن من أتت لتقطع حبل أفكار المثقف واذا بها تتجه الى المنصة التي هو ورائها مباشرة ....عند وصولها هناك رمت بقفل الباب المكسور أمامه والاشمئزاز يعلو محياها ثم انطلقت راجعة تاركة اياه في موقف لايحسده عليه الكثير.

بتصرف من مجلة العربي لاحدى السنوات العشر الفائتة .

هكذا هو حال الكثير من مثقفينا.....يلقي الخطب والمواعظ ينشر بحوثه الدقيقة في أرقى الجامعات ويهتم باصلاح المجتمع والسعي لتطبيق وتطوير ماجاءت به النظريات الاغريقية القديمة خارجا ....لكن داخليا عقله يقف عاجزا أمام نفسه البشرية المجنونة التي لم يسع في يوم للالتفات لها ..علها تحتاج اصلاحا معينا هي كذلك ....
على مر العصور احتضنت صفحات التاريخ مواقفا محبطة لمثقفين ...ومنهم المفكر والفيلسوف الشهير جون جاك روسو صاحب كتاب" اميل " التربوي والذي يؤسس فيه لتربية الاطفال تربية سليمة مع مراعاة حقوقهم الانسانية ...والذي رمى بأولاده الى الملجأ ولم يجدهم لاحقا حينما بحث عنهم بعد عشرات السنين ..
وموقف اخر للماركيز دي ساد الذي اشتقت السادية من اسمه والذي عرف بدعمه للثورة الفرنسية....... على النقيض يقوم هذا الاديب بالاسترسال في الكتابة عن جميع المعاصي والحث على التحرر من القيود ولكنه يقول "لقد تخيلت جميع أنواع المعاصي , لكني بالتأكيد لم اقترفها كلها و لن اقترفها".
أي فكر وأي ثقافة تسجل أسماءا رسمت وجودها على صفحات التاريخ بغياب الفضيلة عنها أو محاولتها نشر الفضيلة في العالم أجمع دون أن يكون لها منها نصيب ..؟؟




الشكر موصول ل Sarita صاحبة التصاميم .