نظرية المؤامرة وعلم استحمار وتنويم الشعوب

[خالد عنابي]

اذا اردنا تعريف نظرية المؤامرة بشكل مبسط فانها نظرية تحاول الوصول الى السبب النهائي لحدث ما يكتنفه الغموض والعديد من الحلقات الضائعة او المفقودة
ولكن مكمن العيب الاساسي لنظرية المؤامرة هو تعريفها ذاته حيث ان غياب حلقات يؤدي بالضرورة الى عدم صحة او دقة التحليل المقدم لها نظرا للحاجة الى تعويض تلك الحلقات الضائعة والمفقودة بفرضيات احتمالية بلا شك اقل مصداقية من الوقائع الموثقة

وبذلك تصبح نظرية المؤامرة نظرية خصبة للمغالطات وقلب الحقائق وبث الاكاذيب الممنهجة تلجأ اليها قوى القمع الدكتاتورية في طمس الحقائق وخداع وتضليل شعوبها

ومن نظريات المؤامرة المضحكة نجد مثلا ان حماس منظمة عميلة لاسرائيل انشاها جهاز الشاباك من اجل عرقلة بناء دولة فلسطينية مع ان الواقع يفند تلك النظرية جملة وتفصيلا فكل الدول العربية التي لها علاقات مع اسرائيل تحارب حماس والطرف الوحيد الذي يحارب اسرائيل هو حماس
ومثلها ان الاخوان المسلمين عملاء لامريكا ! ومنذ متى صارت امريكا تؤيد منظمات اسلامية تهدف للوصول للحكم واقامة الاسلام

ونجد العديد من نظريات المؤامرة التي لا تمد بصلة للسياسة ولكنها تنشر من اجل تهيئة الناس لتقبل نظريات المؤامرة التي تبث في عقولهم لاحقا فلا يشكون فيها
وفي المحصلة نجد ان نظرية المؤامرة تصبح ايديولوجية لدى بعض الناس يميلون الى تصديقها وتقبلها لمجرد احتوائها على مؤامرة رافضين كل التفسيرات العقلانية المضادة لها هذا هو المغزى من عملية الاستحمار والاستغباء كلها
ولعل اهم اسرار نجاح نظرية المؤامرة هي الاسرار النفسية فالشعوب تجد في نظرية المؤامرة اسهل الحلول للهروب من نقد الذات وتحمل مسؤولية الفشل فتلقي باللوم على مؤامرة دبرتها قوى شيطانية مجهولة يستحيل صدها او ردها وكفى
وكلامي السابق لا ينفي او يكذب وجود مؤامرات فهي موجودة وتحدث دائما ولكن لايجب ان نفرط في تفسيرات نظرية المؤامرة ضاربين بالوقائع والشواهد الحية عرض الحائط وغارقين في تخيلات لا اساس لها