لطالما استوقفني سلوك بعض الناس ممن أحسبهم من المتعلمين و المثقفين عندما يتعلق الأمر بذكر أسماء زوجاتهم، بناتهم أو حتى أمّهاتهم أمام الملأ و خاصة في المجالس العامة. إنّ "الخجل" يطبع محيّاهم كلما تكلموا عنهنّ. بل إنّ أنفاسهم تكاد تحتبس إن هم أخطأوا و جرى على ألسنتهم ذكر أسمائهنّ. فتحمرّ أوداجهم و تجحظ أعينهم و تتسارع نبضات قلوبهم كأنّ بهم مسّ من الجنّ أو هم ارتكبوا جريمة أو معصية ... لقد استشكل عليّ حقا فهم دواعيهم و مبرراتهم. فالواحد منهم لا يتوانى عن مناداة زوجته بـ"المخلوقة" أو بـ"الدّار" أو بـ "وزارة الداخلية" "أم الاولاد" أو بـ "المْرَا" و الأسوء عندما يردف هذه الأسماء بعبارات خادشة أستنكف عن ذكرها إكراما لكم و لهذا المقام الطيّب. بل إنّ بعضهم يمتنع عن مناداة زوجاتهم بأسمائهنّ حتى أمام آبائهم و أكابر عوائلهم... فما المشكلة في ذكر إسم الزوجة؟ و لماذا كلّ هذا الحرج، و قدوتنا سيد الخلق، محمد صلى الله عليه و سلّم لا يتورّع عن ذكر أسماء زوجاته أمام أصحابه؟ أليست هذه المرأة هي الزوجة و أم الولد ؟ أ ليست هي موضع السرّ وأمينة البيت؟ أ ليست هي راعية الأولاد وشريكة الحياة؟ إنّ من الصحابة من كُنِّي باسم ابنته كأبي الدرداء مثلا فقامت الكنية مقام اسمه حتى لا يكاد يعرف إلاّ بها.
فمتى ترتقي عقولنا و تستقيم أخلاقنا؟