رحم الله الشاعر الذكيَّ التلقائيَّ، البسيط العميق، الموهوب البليغ، صاحب النظم السهل الممتنع، الذي شرَّق شِعْره وغرّب في عالم الناطقين بالعربية وما أكثرهم! ألا وهو شاعر النيل الأستاذ: حافظ إبراهيم الذي يقول في إحدى قصائده الذائعة:
والعِلْمُ إنْ لم تَكْتَنِفْهُ شمائلٌ تُعْلِيهِ كان مَطِيَّةَ الإخْفاقِ
لا تحسبنَّ العلْمَ ينفعُ وحْدَهُ مـا لم يُتَوَّجْ ربُّهُ بِخَلاقِ
إن العلم يحتاج إلى أخلاق لكي ينفع ويكون له أثر إيجابي في الواقع، وإلا فإنه يكون مثل الشجرة التي ليس لها ثمرة !!
ما قيمة العلم مثلاً إذا كان حامله خائنًا مرائيًا كاذبًا؟ أو كان همَّازًا لـمَّازًا صاخباً؟ أو كان مُتَلَوِّنا حاسدا حاقدا؟ أو كان قاضيا ظالما مُرتَشيًا؟ أو كان ضيِّقَ الأُفُقِ والعَطَنِ .. متعصِّـبًا مُحْتَرِقًا؟ أو كان معتديًا على الحقوق والقِيَم .. فاحشًا مُتَفَحِّشا؟ أو كان مغرورا مُعْجَبًا متكبرًا على الناس؟ أو كان متطاولًا على العلماء الآخرين، أو مُتَعالِماً على مشايخه؟ أو كان مناضلاً من أجل الدنيا .. منافسًا من أجل المناصب .. متفانيًا من أجل الشُّهرة؟ أو كان فاسقا منافقا .. متشكِّكا مرتابًا ؟... أو كان نقَّارًا للصلوات .. هجَّارًا للقرآن .. مُضيِّعًا للنوافل والجماعات .. يضيق بالذِّكْر ويأنس يالهذْر.. بلا خشوعٍ ولا وقارٍ ولا إخبات .. مليئًا بالجدال والأقوال والادعاءات ..
لا تُخْطِئُ العَينُ وجود مثل هذه الأوصاف والأصناف في بيئات تنتسب إلى العلم والعلماء !!
إن العلم لا بد له من تزكية تنفخ فيه الروح وتمدُّه بالحياة, وإلا فإنه يكون حجة على الإنسان لا حجة له، والقرآن نفسه وهو أرقى العلم هو كذلك، قال عليه الصلاة والسلام"والقرآن حجة لك أو حجة عليك" رواه مسلم .