![]() |
|
قسم القصة ، الرّواية والمقامات الأدبية قسمٌ مُخصّصٌ لإبداعات الأعضاء في كتابة القصص والرّوايات والمقامات الأدبية. |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() يراقب ياسين سقف الغرفة، مسندا رأسه للوسادة في وضعية شاردة، تتردد عيناه بين تفاصيل السقف و بين علو النافذة، يمارس الغوص في الأشياء و في ما تحمله من ذكريات، يحاول قدر طاقته الضعيفة استنطاق الوجود الذي يحتويه، هو يعلم جيدا أن المثقف هو من يستنطق الجمادات ليخرج ما تختزنه من ذكريات و غموض يكتنفها ، فتولد عندها فرصة للإبداع، كما فعل نيوتن بتفاحته عندما أرشدته للعبقرية، يحاول أن يكون متعلقا بوسطه الضاج بالركود و التراجع يعطيه دينامكية و صخب الحضارة.
لم يستطع ياسين مقاومة إغراء العجوز للحديث، فحاول مسايرته في كسر الجمود، لم يمهله العجوز و واصل في شدوه:
كل ما يتذكره هو ارتفاع ضغطه، و دخوله في غيبوبة لم يعرف كم دامت، أفاق في فراش في وسط غرفة ضاجة بالملل و البأس مثل هيأته، لا يستطيع الحراك تماما، و حديث العجوز لفته للنافذة التي لم يهتم بما وراءها، فراح يستحث العجوز لمواصلة تغريده، لأنه لا يستطيع الوصول إليها. العجوز الذي تبدو من ملامحه قسوة الأحزان التي لم تمنحه فسحة كافية للفرح، التجاعيد البارزة في خديه و جبهته العريضة، تؤكد نظرية التطور التي أتى بها فرويد، و لكنها في الاتجاه المعاكس تماما. واصل العجوز تعليقاته المبهمة عما يوجد في الخارج و كأنه يراقب مصيره: الأولاد في تلك الساحة يلعبون بعيدا عنا و عن تجاعيد أملنا العاجز. طفل يطارد فراشة و كأنه يلاحق أمنياته بالتحليق، و فتاة تحتضن زهرة تشبه لحد كبير فيروز عندما غنت للقدس أسطورتها زهرة المدائن، كذلك تلك الفتاة تراقص ورود الحقل و كأنها بلبل الطفولة. صمت العجوز، متأثرا بالحقنة، و استجمع نفسا من أنفه العريض المنتصب عوض قامته المنحنية، هو كل رواسب الأمل الهارب من جسمه الذي يشبه الأطلال، و كأنه يعد نفسه لمحاضرة سيلقي بها للشاب، و أشار للممرض أن يتركه قبالة النافذة، أراد الممرض أن يقول شيئا:
خرج الممرض و هو يتمتم في نفسه:
أحس ياسين نوعا ما بروح تدخل لنفسه و رغبة للخروج و معاودة اللعب الطفولي، ثم سارع لاستفزاز الشيخ:
لم يحس بنفسه إلا و هو نائم حتى أقبل الصباح، استيقظ على حركة غريبة في الغرفة، و مجموعة من الممرضين يحيطون بسرير الشيخ. أشار لأحد الممرضين يسأله عن السبب، حتى سمع أحدهم يقول، لقد مات في النوم، أتراه لم يتألم عندما مات نائما. شعر ياسين بالألم يدب في أعماقه، رغم أن هذا الشيخ لم يعش معه إلا يوما واحدا و لكنه منحه نفسه و أعطاه فرصة للعودة لمحطة الحياة التي كان يريد الخروج منها. في المساء عندما أقبل الممرض إليه سأله أن يحوله لسرير الشيخ، لبى الممرض رغبة ياسين، واصل توسله للممرض أن يجلسه أمام النافذة، ليرى ماذا كان يرى الشيخ.
|
||||
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
۩¤~, النافذة, ~¤۩ |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc