إهداء: إلى أرواح زملائي المعلمين الذين فقدتهم خلال مسيرتي التعليميّة ( ابن ذيب بلقاسم، بوختالة مسعود، زيرق مخلوف) أذرف هذه العَبرات ...
بقلم: بشير بوكثير / رأس الوادي
اليوم ساقتني الأقدار، مع رفقة أخيار، إلى أوّل مدرسة تفتّحتْ فيها الأبصار، فتحرّكتْ لواعج الحنين والادكّار، وكوامن التحنان والتّذكار، فسَكبتُ الدّمعَ المدرار- بعدما خانتني القوافي والأشعار- على معلّمين أخيار، وأولياء أطهار، وتلامذةٍ أبرار، عزفوا سمفونيّةَ " مدرستي الحبيبة" بكلّ اعتزازٍ وافتخار ، وهِمّةٍ وعزمِ و اقتدار.
وقبل أنْ ألِجَ الباب، تمسّحْتُ بالأعتاب، ولثَمْتُ الحصى والتّراب ، لأنّي تذكّرتُ الصّحْبَ والأتراب، : منهم مَن يكابدُ المرضَ والعَذاب، ومنهم من يصارع قُرصانَ التّهميش والرّداءة والسّلْخ واليباب ، ومنهم من يقفُ شامخا مثل ناطحات السّحاب، لكن دونما نوافذ ولا أبواب، ومنهم مَن غيَّـــــبَه الرّدى وطواه الثّرى والتّراب .
صِحتُ صيحةَ مَنْ لايُرَدُّ له جواب :
هل فيكم مَن يُلبّي دعوةَ آخرِ الأحباب، ويُعيدُ براءةَ الأيام العِذاب، ويمسح عن جفوني القذى والغبش والضّباب ؟!
لكن سمعتُ رجْعَ الصّدى: ما في حـَــدا ، يا باكيَ الأحباب .
كانتْ صيحةً في واد، ونفخةً في رماد، وبُكاءً على أشلاء جبل "توباد" ...
واسَاني الصّدى ، على طول المدى:
وهل يُغْني البكاء، ويُجْدي الرّثاء، بعدما صارَ الموت والحياة سواء ؟!