اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بن جابر
جزاكم الله خيرا على المرور الطيب والنقاش الجاد والمستوى العالي من الطرح......نرجو من البقية الإلتحاق وتنويرنا بآرائهم والحقائق التي لربما لم تضح لنا .
|
السلام عليكم ..
ما شاء الله ..!
ألم تتضح الحقائق حتى الآن وليتك قلت الحقيقة مقتصر على واحدة وفقط؟
برأيك متى تتضح لك الحقائق كما سميتها؟ هل تتضح ببقاء الناس في بيوتهم كما ذكر أحدهم آنفا، وتبقى الشوارع وحتى التنظير والتشريع بالظلم لفئة لا أعلم كيف تتصورونها. أحسب أن الأمر تعدى العمى إلى العمه.
حتى يفهم البعض نأتي بمثال بسيط من حياتنا الواقعية:
فرضا أنك يا سي بن جابر نجحت في مسابقة مهنية وظهر اسمك على قائمة الناجحين، لتزاول على إثرها مهامك لتحقيق هدف ما، غير ناس أن هدفك هذا يتعلق بمن حولك من عمال أو مستفيدين من إجراءاتك العملية، وبعد أيام تجد نفسك وقد أحلت أو بالأحرى عزلت عن منصبك لأنك بكل بساطة لم ترُق أفكارك غيرك. وحتى طريقة عملك بينما كنت مقتنعا أنك كنت تؤدي واجبك على أفضل حال والدلائل الواقعية تثبت ذلك غير ناس أنك لم تلق الرضا ممن ستضرر مصالحهم بالنظر لأمانتك وجديتك.
كيف يكون تصرفك؟
أحسبك ستقوم بالآتي إن لم أقل أنك ستخترع إجراءات أخرى:
1- تتصل بدءا بإلإدارة المستخدمة لك لتعرف الأسباب التي جعلتها تتصرف معك هكذا، فأنت تعلم أنك لم تؤذ أحدا ولم تضر حتى من كانوا يحسدونك عن المنصب وما يترتب عنه من مسؤوليات.
2- ستستعين بالصبر والصلاة ليلا ونهارا، لكن لا يعني أبدا البقاء ملازما المسجد أو البيت مداوما على فعل ذلك أكثر من شهر .. فأكيد نفسك لن ترض ذلك، وحتى من حولك لن يحسبوها نقطة تحسب لك بل ستحسب عليك.
3- تحتج سلميا بكتابة طعون كثيرة للإدارة الوصية عليك محاولا استرداد حقوقك.
4- ستشكو أمرك لكل من هم حولك من المقربين وممن عملت معهم وكانوا على وفاق مع طريقة عملك بل وتنتظر تعاطفهم معك، لحدود ترى ذلك حقا من حقوقك عليهم وواجبا عليهم أداءه اتجاهك.
5- لن تقبل بأي حال من الأحوال خيانة بعض ممن كانوا معك في نفس المكتب تعاملهم بالحسنى ورغم ذلك يظهرون لك النكران لما لحق بك، بل ويسلطون ألسنتهم عليك بالتشجيع على منعك من العودة أو حتى السعي لاسترداد حقك.
6- كيف ستتصرف مع بعضهم إن منعوك الدخول للمؤسسة مرة أخرى بحجة أنه لم يعد لك الحق في الإتيان إليها؟ لا أظنك ستعود أدراجك للبيت منهزما، ساكتا .. فأقل الحالات ستضرب ولو واحدا منهم أو تكتفي في أضعف الإيمان بشتمه.
7- كيف ستتقبل نظرات من كانوا ينتظرون منك تحقيق أهداف سامية انتظروها سنوات في المؤسسة وقد أملوا فيك الكثير بالقضاء على المحسوبية والرشوة وغيرها من الظواهر المشينة المنتشرة بتخاذلك فخذلانهم والاستسلام؟ أقلها ستوصيهم بعدم التراجع لنيل حقوقهم بل والجهاد لأجلها.
8- تصور أن بعضهم يتعرض لك حتى بالاعتداء الجسدي فقط لأنك مازلت مرابطا أمام المؤسسة رافعا لافتة احتجاج؛ كيف ستتصرف؟ لن تجد خيرا من الرد بالمثل طبعا.
9- هل ستبقى منكمشا على نفسك أم ستحاول أن تحشد مؤيديك وأقربائك ضد هذا التصرف وإن لم تعترض اسمح لي أن أسميه "الظلم"؟ ما أعرفه أن أنفتك لن تبقيك كذلك بل ستعطيك دفعات قوية للانفجار وحتى تنظيم مؤيديك لكيفية الرد عليهم.
10- كيف تقنع مؤيديك أو بالأحرى مقربيك وليكونوا أبناؤك، زوجتك، إخوتك ... بعدم الرد ولو نحيبا على ما تعرضوا له بسببك من ضرب وتنكيل ...؟ لا أحسبك ستفعل ذلك بل ستقضي الليالي شاكيا متمنيا لو أوتيت ركن شديد تحتمي إليه.
11- ليت المشكلة ستبقى عندك وفقط فبسبب محاولاتك استرداد حقك وحتى للنيل من أعدائك سيتعرض مؤيدوك بالمؤسسة للظلم بالتحويل أو الإقصاء فهل حين ذلك ستبقى وصيا عليهم؟ من المؤكد "لا"، أكيد فيهم القلق جدا الذي لن يبق بمثلك متحملا كل الانتهاكات المشروعة وغير المشروعة بل سيينال من كل من تسول له نفسه الاقتراب منه ولو بهدف تهدئته، فكل واحد منهم سيتبنى الطرق التي يراها الأنسب لتحصيل حقوقه، ولن تجد في نفسك الاعتراض على ذلك بل تراه أشجع منك وأقدر ولم يحل قلبه بوتقة للغليان وفقط، فهو أراد لسانه ويده سيلا جارفا لما انصهر في قلبه المنتفض ليلقي به إلى خارجه حارقا من حوله من المعتدين على حقوقه.
12- تصور أن حسابك الجاري وحتى رقم مدخراتك البنكية إن وجد طبعا يوقف وتمنع من استغلالهما، أخالك "إيجابا" ستصاب بالحنق الشديد وقد تكسر آلة السحب حين ستكتشف أنك حرمت من حقوقك التي كانت تحصيلا بأدائك لواجباتك.
13- من المؤكد سترفع شكوى للمحكمة وفق ملف ثقيل من الدلائل على نزاهتك وما حققته خلال فترة عملك، آملا منها أن تنصفك وتعيد إليك منصبك أو على الأقل رد الاعتبار إليك، وأخوف ما أخافه أن تتواطأ عليك مع مرؤوسيك في المؤسسة مفندة ادعاءاتك بل تكذب دلائلك لتجد نفسك متهما بعدم تعاونك مع من كنت تراهم رؤوس الفساد في مؤسستك؛ فكيف سيكون شعورك؟ ستعربد وتشعر بالضيق وتتمنى لو ولدت في غير مجتمعك هذا، وتلعن كل ما يمت لمسمى "العدالة" في بلادك.
14- تخيل أن منصبك الذي جاهدت للحصول عليه سيتولي عليه متهم بالرشوة والفساد وأنت تعلمه، عندها من المؤكد أن ثائرتك ستثور وتشعر بالضيق للـ "حقرة" المسجلة ضدك، بل وترى كل ما حولك على نفس الشاكلة.
....
هناك الكثير من الوقائع الحياتية التي من الأكيد لن تتخلى عنها لمجابهة مثل هذا التصرف فقط، محاولة منك لرد الاعتبار لنفسك، وحتى فقط إثبات براءتك.
....
كم تدمي القلب أقوال المتشدقين، فليس من صفة الإنسان الحر التخاذل والخذلان "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه .." أي تشريع يخول للمسلم الاعتداء على أخيه المسلم وحتى قتله واستباحة دمه؟ ليس بالمسلم أبدا فعل ذلك.
عجبا لهؤلاء كيف ينظرون فقط لطرف ويهملون الأطراف المعتدية ... ثم يطالبك بعدم الحنق عليه، وكلهم يعلمون علم اليقين أن المستبد لا يفتح قبضته عن الحق إلا بعدما يأتي على أخضرها ويابسها، محاولة منه إسكات رعيته عن واجب الوقوف منعا له أو على الأقل وقفه.
أوكد لك بالإطلاق أنك إن كنت ستكون بقدر دعوات بعض من المتدخلين المخذلين للإرادات ستبرز لك دمامل كبيرة بمختلف أوضاع جسمك مودية للموت المحتم جراء حبسك للغيظ المتراكم في نفسك النابع عن ظلم قهري، وهذا مخالف بالطبع للطبيعة البشرية التي لا ترض الظلم بأي شكل من الأشكال، وقد قالها الشافعي "من استغضب ولم يغضب فهو حمار" ...
كلنا يقرأ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " ... فمن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" أحسبه هذا الإجراء الأدنى في رفض المنكر وحسب الكلام السابق أرى أن هناك مستوى من نكران المنكر غاب عن سيد الأمة وخير المرسلين عليه الصلاة والسلام فلم يذكره؛ وحاشاه أن يكون منه ذلك.
بالتوفيق