المشهد المصري

[أبو ساعدة]

المشهد المصري

لم أكن أرغب في الخوض في الموضوع، ولست ممن يحبذون ترديد المصطلحات التي ينتجها الإعلام، لولا أنّ الأمر يحتّم عليّ ذلك، لأقول كلمة أعتقد أنني التزمت فيها الحق وقصدت بها الإنصاف.
إذن المشهد كما يبدو:
ــ هناك قوة عسكرية من ورائها أعداد لا بأس بها من المؤيدين، ومنابر كثيرة من المهللين، وقنوات إعلامية تقوم بدور المدافعين... جاءت هذه القوة واعتلت عرش السلطة.
ــ وقوة شعبية مدنية تطالب بحق مسلوب وشرعية مغتصبة، من ورائها كذلك أعداد هائلة من البشر ومنابر وقنوات وتعاطفات... تعبر عن إجحاف وحيف لحِقَ بها.
وتصلب كل من القوتيْن في موقفه، وأبدى كل طرف استماتة من أجل مذهبه، حتى أفضى ذلك إلى سقوط ضحايا وإراقة دماء.... ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وراح كل طرف يسعى لإقناع الخارج والداخل بعدالة قضيته، وأنه محق في خوفه على بلده مصر من الصهاينة والأمريكان وغيرهم...
وراح كل طرف يتهم الطرف الآخر بالخيانة والعمالة... وأنه هو فقط المخلص الشريف الذي يُهمّه أمر البلاد والعباد...
وسالت الدماء الغزيرة، وعُطّلت المصالح الكثيرة، واستنزفت الأموال الطائلة...
وبما أنّ قوة السلاح بيد الطرف الأول، فإنّ الخسائر كانت فادحة في ساحة الطرف الثاني (ولا داعي لذكر الأمثلة لأنّ الناس قد شاهدوا ذلك على المباشر وعلى غير المباشر... )
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لفائدة منْ ولصالح مَنْ يحدث هذا كله؟ لا شك أنّ المستفيد الأكبر في هذه المأساة هو (الشيطان) وأتباعه والذين يحبون إشاعة الفتن بين الناس...
وبعبارة واحدة: إنّه مشهد فظيع لا أعتقد أنه يسرّ من كان في قلبه مثقالُ ذرة من إيمان بالله.
وبعد ذلك ما المطلوب منا بصفتنا مسلمين مؤمنين بالله؛ هل نقف متفرجين على صور الأشلاء والجراح، أو نكثر من البكاء والصياح والنواح، أو نأخذ على عواتقنا مَهَمّة التحريش والتحريض، أو ننبري للشتم والسب والتخوين والتكفير...
أم نواسي إخواننا وندعو إلى الإصلاح بينهم، وندعو الله لهم بأنْ يردّ كل طرف إلى جادة الصواب، ونكف عن إكالة الشتائم لطرف بعينه، ونحبس ألسنتنا عن كل قذف وقدح وفضح، ونسأل الله أنْ يجنب المسلمين الفتن والمحن والجوائح...