★ ★ الزواج .. بين الحقيقة والخيال ★ ‏★

[أنور الزناتي]

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته




قبل الزواج...
ما من شيء يسترعي اهتمام الأولياء، و يستوجب تفكيرهم بل و يحبس أنفاسهم أكبر من أمر تزويج أبنائهم... فبين الواقع المفروض و ما يجب أن يكون ترى الأولياء يتخبّطون في دوامة من التفكير العسير و عميق التدبير لأجل إنجاح عرسهم .

ثم يأتي يوم الزواج...
يومئذنرى بهرجة باطلة لا تعبر عن واقعهم الاجتماعي، و أبّهَة زائفة ما أنزل الله بها من سلطان. يومئذ تُصرف أموال باهظة لإتمام مراسيم الزواج كحفل الخطوبة، و حفل الحناء، و عقد القران، و ليلة الدخلة... يُضاف لها مصاريف لا تطاق لاستعداد الزوجين و خاصة الزوجة كمصاريف الحلاقة، و التجميل، و ملابس و فساتين باهظة... ناهيك عن تكاليف أخرى كاستغلال الصالات المخصصة للأفراح، و جلب فرقة موسيقية لإحياء الحفلة، و مصاريف شهر العسل... و الأدهى و الأمرّ أن هذا الإسراف غير المسبوق يطال بدوره المعازيم و ضيوف العرس و خاصة النساء. فهن بدورهن يتكبّدن تكاليف خيالية للظهور في أكمل حلّة و أجمل هيئة. ليتواصل مسلسل الإسراف معهن عند "الحطوط". فكل واحدة ترغب في أن لا تنافسها أي امرأة أخرى في كرمها "الزائف" عفوا الزائد و استعدادها اللامحدود لمساعدة أهل العرس بما تيسر لها من مال... ثم ينتهي المشهد بموكب حاشد من السيارات الفخمة التي لا أول لها و لا آخر يجوب الشوارع ليحدث هلعا بين مستعملي الطرق لا يوصف و خوفا كبيرا
فتتعطّل حركة المرور، و يتذمر الراجلون، و حتى المرضى بالمستشفيات لا يسلموا من الضجيج المهول الذي تسبّبه أبواق هذه السيارات. و ما يبعث على الحيرة و الحسرة في آن واحد أن يمتد هذا الموكب "الرئاسي" إلى وقت متأخر من الليل ضاربين عرض الحائط بكل الآداب و الأعراف.

ثم تقع الطامة بُعيد الزواج مباشرة...
فيفيق الزوجين بعد العرس على فاتورة مثقلة بالديون لا يمكنهم سدادها إلا بعد أعوام و أعوام.

تنويه
الحطوط: كلمة درج الناس على استعمالها قد تختلف من منطقة إلى أخرى. و المقصود بها ذلك المال الذي يقدمه الضيف لأهل العرس كمساعدة و عون.
أخوكم أنور الزناتي